كلاب لها تاريخ!

TT

أشهر الكلاب هو الذي كان يكتبه والدي على كل خطاب يبعثه إلى أصدقائه. فعلى المظروف الخارجي كان يكتب في أحد الأركان، وسط دائرة، كلمة: بدوح.. سألت أبي فقال إنه اسم أحد الكلاب التي كانت تحرس أهل الكهف، وإنه سوف يحرس هذا الخطاب حتى يصل إلى صاحبه.

كلب آخر من بورسعيد.. فعندما كنت رئيسا لتحرير مجلة «أكتوبر» كان الصحافي الكبير إبراهيم سعدة مندوبا لنا هو والصحافي الكبير مصطفى شردي، أحد أبطال مقاومة العدوان الثلاثي. وكان سلاحه كاميرا التقط بها أكثر من خمسة آلاف صورة لأثر العدوان على بورسعيد. وقد رأى الرئيس عبد الناصر أن يحمل الصحافي الكبير مصطفى أمين هذه الصور ويعرضها في العواصم الأوروبية ليفضح دول العدوان الثلاثي: إسرائيل وبريطانيا وفرنسا. وعاد مصطفى أمين ليدخل السجن تسع سنوات بتهمة التجسس لأميركا.

أما مصطفى شردي فقد فصله عبد الناصر لسبب آخر؛ فقد أرسل لي مصطفى شردي تحقيقا عن الصيف في بورسعيد في يوليو (تموز) سنة 1961. وقال: من أهم معالم الصيف: كلب المحافظ، الذي يشاهده الناس كل ليلة نائما أمام أحد الشاليهات. وأنا نشرت التحقيق، وأنا لا أعرف أن المقصود من حكاية الكلب أن المحافظ على علاقة بسيدة جميلة، وكان المحافظ ضابطا، فأصدر عبد الناصر قرارا بفصل الصحافي مصطفى شردي!

آخر الكلاب: كلب اسمه هتلر، يملكه أحد الفنلنديين.. فقد كشفت وزارة الخارجية الألمانية أخيرا عن المراسلات السرية لمندوبيها في العالم، فكانت من بينها رسالة عاجلة من قنصلها في هلسنكي، عاصمة فنلندا، يوم 29 فبراير (شباط) سنة 1941 تقول: إن مواطنا عنده كلب سماه هتلر وعلمه أن يرفع إحدى رجليه الأماميتين بما يشبه التحية النازية. وطلبت الخارجية الألمانية من قنصلها التحقق تماما من هذه الواقعة قبل اتخاذ أي خطوة من الدولة للرد على هذا الفنلندي الذي يستحق أقصى العقاب. وجاءت الرسائل تؤكد هذه الواقعة مع أسماء كل المشاهير الذين رأوا الكلب يرفع إحدى سيقانه تماما كالتحية إذا قيل له: هتلر!

فما كان من وزير الاقتصاد الألماني إلا أن منع عن صاحب الصيدلية، وهو صاحب الكلب، كل المواد الكيماوية التي يستوردها من الشركات الألمانية. وكانت النتيجة أن الصيدلية قد أغلقت أبوابها ومات صاحب الكلب! ولم يجرؤ أحد أن ينقل لهتلر هذه الواقعة - هكذا قالت وثائق وزارة الخارجية. فقد كان هتلر مشغولا تماما يستعد لغزو الاتحاد السوفياتي سعيدا بأن حطم اليابانيون الأسطول الأميركي في ميناء بيرل هاربور!