المرشد الأعلى اللبناني

TT

في أميركا، أو بريطانيا، يخرج الرئيس متحدثا، أو رئيس الوزراء، لمدة 30 دقيقة فتأتي القنوات الإخبارية بمجموعة من المحللين ليفكوا طلاسم ما قيل ولمدة 60 دقيقة، ناهيك عن البرامج، وما تكتبه الصحف، يشرحون كل كلمة ودعاية في حديث الرئيس، مع تذكير الناس بما قاله المسؤول سابقا. في منطقتنا العكس، حيث يطل زعيم حزب الله متحدثا لفترات طويلة، وتمنحه الفضائيات المساحة ليتهم ويبرر ويلوي التاريخ كيفما شاء دون تفكيك لتلك الوجبة الدسمة من الدعاية والتضليل.

فعندما امتدح نصر الله أول من أمس الرئيس عمر كرامي بسبب اعتذاره عن عدم قبول رئاسة الوزراء لم تكن تلك القصة، بل إن القصة كلها هي أن نصر الله هو من اتصل بكرامي يطالبه بالترشح، وهذا يعني أن نصر الله بات هو من يشكل حكومات لبنان. هذا هو الخبر، خصوصا أن نصر الله ليس منتخبا من أحد، بل هو قائد بحكم السلاح فقط!

وعندما يقول نصر الله إنه لن يرد على قاتل، قاصدا الدكتور سمير جعجع، ومستدلا على ذلك بأن حكما قد صدر ضد جعجع، فإن السؤال هو طالما قبل جعجع بالقانون، ونفذ حكمه، فلماذا يرفض نصر الله المحكمة الدولية؟ لماذا لا يدعها تقول لنا من هو قاتل رفيق الحريري ورفاقه؟ ولماذا لا تتم محاكمة من قتل اللبنانيين يوم احتل حزب الله بيروت؟ وعندما يقول نصر الله إن الحديث عن تقسيم لبنان تهويل، فالسؤال أيضا: ومن الذي يجرؤ على دخول الضاحية الجنوبية؟

وكما تلاحظون فهناك جملة من المغالطات والتضليل، ومثال آخر صارخ هنا؛ فنصر الله يقول بأن لا مشروع إيرانيا في لبنان، لكن بمقدار الجميع مشاهدة تسجيل على اليوتيوب يتحدث فيه نصر الله ويقول في سبتمبر 1986: «لا نؤمن بوطن اسمه لبنان، بل بالوطن الإسلامي الكبير. إن لبنان وهذه المنطقة هي للإسلام والمسلمين، ويجب أن يحكمها الإسلام والمسلمون. ليس لدينا مشروع نظام في لبنان، علينا أن نزيل الحالة الاستعمارية الإسرائيلية وحينئذ يمكن أن ننفذ مشروعنا الذي لا خيار لنا في أن نتبنى غيره، لكوننا مؤمنين عقائديين، وهو مشروع الدولة الإسلامية وحكم الإسلام، وألا يكون لبنان جمهورية إسلامية واحدة، وإنما يكون جزءا من الجمهورية الإسلامية الكبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه الإمام الخميني. وأنا لا يمكن أن أبقى لحظة في أجهزة حزب الله إذا لم يكن لدي يقين بأن هذه الأجهزة تتصل عبر مراتب بالولي الفقيه القائد المبرئ للذمة الملزم قراره». وكان بمقدور الفضائيات بالطبع أن تبثه ليعرف اللبنانيون والعرب الحقيقة.

والأمر الآخر عندما يتحدث نصر الله مطالبا باحترام المؤسسات والدستور، فهو وحلفاؤه مَن عطلوا الحكومة السابقة بالثلث المعطل، حتى حول سعد الحريري، كما يقول لي مسؤول لبناني، الى محمد خاتمي لبنان!

ولذا فإن خطاب نصر الله هو خطاب انقلاب تم الإعلان فيه أنه هو المرشد الاعلى للبنان، رغما عن الدستور، وكل الطوائف.. فهل لاحظتم حجم التضليل؟

[email protected]