ومن هذه السدم ولدت أقلامنا!

TT

لي كتابان: «مذكرات شاب غاضب» و«مذكرات شابة غاضبة».. وقد تحولا إلى مسلسل في ثلاثين حلقة عنوانه «غاضبون وغاضبات».

وقد احتشد الغضب في الخمسينات، عندما ظهرت أقلام شابة ساخطة في أوروبا والعالم العربي وأميركا. وظهرت في لبنان ليلى بعلبكي وروايتها «أنا أحيا».. وظهرت في سورية غادة السمان وكتابها «عيناك قدري».. وفي فرنسا ظهرت فرنسواز ساغان وكتابها «مرحبا أيها الحزن».. وظهر في مصر ديوان «صرخات» للشاعرة اليهودية جويس منصور.. وفي فرنسا ظهر كتاب «الجنس الثاني» للأديبة الوجودية سيمون ديبوفوار.. وظهر كتاب «الوجود والعدم» للفيلسوف الفرنسي سارتر.. وظهر الأدباء الساخطون في بريطانيا يتقدمهم كولن ويلسون وكتابه البديع «اللامنتمي».. وظهرت الأديبة شيلا ديلاني وكتابها «يجب أن أحب».

وظهر المطربون الشعبيون الخنافس في بريطانيا الذين كانوا ثورة على الغناء وعلى الطرب في أوروبا وأميركا.

وظهرت موضة الميني جيب التي قدمتها ماري كوانت.. وتحولت العيون إلى سيقان بنات بريطانيا، وهي أجمل السيقان في أوروبا إلى جانب سيقان بنات أوكرانيا. وهذه الموضة تمسكت بها المرأة، ولم يستطع أحد من ملوك الموضة أن يغيرها. فالفساتين المحتشمة فوق الركبة هي التي كانت سائدة، مثل فساتين كيت ميدلتون خطيبة الأمير ويليام، التي سوف تمشي وراءها كل بنات أوروبا وأميركا..

ومات النجم الأميركي جيمس دين (24 سنة) الذي هزت وفاته في حادث سيارة مشاعر مئات الملايين. هو الغلطان.. وقد ظهر على الشاشة في ثلاثة أفلام: «شرقي عدن» و«ثائر بلا قضية» و«العملاق».. وكان هو الثائر بلا قضية.. وكان الملايين وراءه ثوارا تنقصهم القضية. ووجد الأدباء الساخطون هذه القضية واتخذوا لهم أشعارا «انظر وراءك في غضب»..

وانتشرت الفلسفة الوجودية، واتخذ الشبان منها ألوف المعاني والمواقف.. ولم يعد أحد في حاجة إلى من يقول له ما شكواك؟.. وأين الألم؟.. والقدر واليأس وعذاب الحرية عند الشبان في أوروبا وفي العالم..

ومن هذه السدم الفكرية ظهرت الفلسفة الوجودية في مصر.. وفي هذا الضباب اللامع الشائك الساخن ولدت أقلامنا!