أتمنى أن لا أكون (لكّعا)

TT

كأنه أراد أن يوقظني من غفلتي ومن سباتي العميق، وإذا به يبعث لي كهدية رقيقة بكتاب عنوانه الرئيسي (نهاية العالم)، مع توضيح تحته يقول: (أشراط الساعة الكبرى والصغرى).

لا شك أنني صدمت بهذا الإهداء في يوم كنت أمني نفسي فيه بالمتعة الدنيوية المعتادة، معتقدا أن بيني وبين قيام الساعة آمادا طويلة، ولم أعرف أنها أقرب لي من حبل الوريد، خصوصا عندما تسلمت ذلك الكتاب بيد وجلة ومرتجفة، وما إن تصفحته حتى غدا وجلي رعبا وارتجافي زلزالا، وخطر على بالي أول ما خطر أن أذهب ركضا لكي أتوضأ ثم أفرش سجادتي وأصلي ركعتين طالبا من رب العالمين أن يغفر لي ذنوبي المقصودة وغير المقصودة، وهذا هو ما حصل فعلا.

وبعد أن هدأت جوارحي قليلا تناولت الكتاب مسميا بالله، وإذا به ينقسم إلى شقين، الأول: هو عبارة عن أشراط الساعة الصغرى، والثاني: أشراط الساعة الكبرى.

فقلت بيني وبين نفسي: خذها يا ولد من قاصرها، وابحث عن الكبرى لكي لا يسرقك الوقت، وتذهب أنت وحياتك كلها (طعاما للجحوش) دون أن تدري.

وما إن فتحت الكتاب حتى فاجأني من يقال له: (المهدي المنتظر)، فاطمأننت قليلا عندما علمت أن قصة المهدي هذا لا تعدو إلا أن تكون خرافة؛ لأنه لم يرد ذكره بالقرآن، ولم يعتد به الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما، عندها رجعت إلى العلامات الصغرى التي جاء فيها:

من علامات الساعة: (ظهور القنوات الفضائية)، (شيوع الأمن والرخاء)، (رفع الأصوات في المساجد)، (انتشار تجارة الخمور في الدول الإسلامية)، (زخرفة المساجد والتباهي بها)، (زخرفة البيوت وتزيينها)، (كثرة الكتابة وانتشارها)، (اكتساب المال باللسان والتباهي بالكلام)، (انتشار الكتب غير القرآن)، (تقارب الزمان)، (أن يصبح أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع)، (كثرة النساء وقلـة الرجال)، (أن الناس يكثر فيهم السمنة)، (تكلم السباع والجمادات)، (ارتفاع مباني مكة)، (خروج رجل يقال له جهجاه).

تركت الكتاب جانبا وغشيني ما يشبه النعاس، ثم انتبهت على حالي وأخذت أفكر في بعض هذه العلامات، ووجدت أن السمنة متفشية فعلا في أهل الخليج، خصوصا (الكروش)، وما أدراك ما الكروش! غير أن ما أفرحني جدا هو كثرة النساء وقلـة الرجال؛ حيث إن صاحب الكتاب يؤكد أن يكون لخمسين امرأة قيم واحد، غير أن ما أقلقني وكدر خاطري هو ما سمعته من أحدهم قبل يومين عندما ضاق ذرعا بضحكاتي فأخرسني قائلا لي: يا لكع (انطم)، وزاد من خوفي أكثر أنني أعرف رجلا (أهبل) متخلفا ما زال حيا يرزق اسمه (جهجاه) فتطيرت منه واتصلت به تليفونيا قبل أن أكتب هذا المقال قائلا له: إياك ثم إياك أن تتصل بي بعد هذا اليوم، وامسح اسمي ورقم تليفوني نهائيا من جوالك.

العلامة الوحيدة التي لم أستطع أن أحدد موقفي منها هي (الدجال)، الذي أكد صاحب الكتاب أوصافه بأنه: قصير أفحج، أجعد الشعر، مطموس العين - أي أعور بالعين اليسرى تحديدا - أبيض واسع الجبهة، مكتوب بين عينيه (ك ف ر)، عقيم لا ولد له.

وابتداء من اليوم سوف أراقب وأتأمل وأتحقق من ملامح وشخصية كل من أقابله من الرجال خشية من أن تنطبق عليه مواصفات ذلك الدجال، الغريب أنني وجدت سيارة تحمل لوحتها الحروف نفسها.

ومن حسن الحظ أنه لا توجد دجالة واحدة فقط من النساء، وإنما دجالات مميزات ليس بينهن ولا واحدة فجحاء، وإنما كلهن ما شاء الله يتبخترن على (حبة ونص).

[email protected]