رسالة إلى الحريري

TT

اعتبر دولة الرئيس سعد الحريري أن ما حدث لكتلته «انقلاب سياسي»، متحدثا «عن شعور عميق بالخيانة»، وقال إن قتلة والده هم الذين أقصوه، ومعه كل الحق، لكن يجب أن يتذكر الحريري بأن ديمقراطيتنا عوجاء.

ديمقراطيتنا، كما سميتها من قبل هي ديمقراطية إيرانية، حيث إن الكاسب يخسر، والخاسر هو من يشكل الحكومة، وذلك على غرار ما حدث في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة، ولأن لبنان اليوم يدار من قبل المرشد الأعلى حسن نصر الله فإننا نرى نفس الأسلوب بلبنان.

فمثلا لام نصر الله حكومة الأكثرية لأنها لم تفعل شيئا للناس بينما لم يقل أيضا إن رجاله، ورجال نبيه بري، قد حاصروا فؤاد السنيورة بالسرايا 538 يوما، وإنهم انسحبوا من الحكومة وشلوها، ناهيك عن بدعة الثلث المعطل، فكيف تستطيع الحكومة خدمة الناس؟ ولم يكتفوا بألاعيبهم التي لا تنتهي، فها هو عمر كرامي يقول معلقا على حديث نصر الله بأنه اعتذر عن رئاسة الوزراء نظرا لكبر سنه: «استمعت للسيد حسن في الخطــــــاب الذي رثاني فيه، اليوم أنـــــا أمـــــــامكم وأستشهد بكم كـــــإعلاميين، أنــــــا أمــــامكم فهل ترونني مريضا».

ومن ألاعيبهم أيضـــا إفساد يوم الغضب، الذي دعا له الحريري، باختراقه، وإفساده، والجميع يعلم أن هناك اختراقا لبعض المناطق السنية، وهو أمر كتبته قبل أشهر، لتكون الفتنة سنية - سنية، بل هل نسينا، مثلا، قصة المتطرف السني عمر بكري الذي أخلي سراحه من تهم إرهابية بعد أن قال إنه اكتشف أن حزب الله شيعة من أهل القبلة وليسوا رافضة، بل إن محاميه كان النائب عن حزب الله نوار الساحلي؟

وعليه فإن الرسالة للحريري اليوم هي أنك قد تكون خسرت جولة، لكنك لم تخسر المعركة، ومعركتك هي حماية الدولة، وأهم ضمان لذلك هو إنجاز المحكمة الدولية لقتلة رفيق الحريري ورفاقه، وبأي ثمن، لأنها ضمان لحقن دماء لبنان وحمايته، واستمرار لرسالة رفيق الحريري الذي لم يحتكر السنة، بل أعاد لهم الوهج دون طلقة رصاصة واحدة.

فالحكومة اليوم أمام تحديات كبرى، فمع كل الاحترام لدولة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يعلم مدى تقديري الشخصي له، إلا أن ترتيب لبنان ليس أمرا داخليا وحسب، بل وإقليمي، ولا نعلم إذا كان ميقاتي قد رتب أوضاعه مع دول الخليج، خصوصا أن دولا بعينها لم تكن توافق على الطريقة التي أتى بها، والأهم من كل ذلك أن لا تأكيد على تقبل سعودي، فالمعروف تماما أن السعودية قد أعلنت رفع يدها عن ذاك الملف، وهذا أمر غاية بالأهمية، بل ها هي الرياض تحذر مواطنيها من السفر للبنان. وبالطبع يبقى هناك المجتمع الدولي، خصوصا واشنطن التي يقول الرئيس ميقاتي إنها مهمة له، ولا ندري كيف سيتم التوفيق بينها وبين الدفاع عن المقاومة، خصوصا أن نصر الله يخون سنة لبنان لأن لهم علاقة بالغرب!

وعليه فيا دولة الرئيس الحريري مشروعك هو حماية الدولة، وسبيلك لذلك هو إنجاز المحكمة الدولية، التي أقصوك بسببها، فلا تتوقف.. استمر.