أصبح الإنسان الآلي أو الروبوت وسيلة للكشف عن الآثار.. نلجأ إليه في الأماكن التي يتعذر فيها دخول الإنسان ليقوم بدوره باستكشاف الأنفاق والسراديب الضيقة، والكشف عن المجهول.
ومنذ سنوات قمت بواحد من أكبر الاكتشافات الأثرية في حياتي وهو الكشف عن المقبرة الرمزية الضخمة لـ«أوزير» سيد العالم الآخر عند المصري القديم.. وأطلق عليه «بئر أوزير»، نظرا لأن المقبرة نقرت في الصخر أسفل الطريق الصاعد المؤدي إلى هرم الملك «خفرع» وذلك على شكل بئر ضخمة تتكون من ثلاثة مستويات. ومن ألقاب «أوزير» لقب غريب ومثير وهو «سيد الأنفاق السرية»، الأمر الذي جعلني أفكر في معنى هذا اللقب، محاولا الإجابة عن هذه الأسئلة..
ما هي الأنفاق السرية؟
وماذا يوجد داخلها من أسرار؟
وهل استطاع أي عالم آثار من قبل إماطة اللثام عن هذه الأسرار؟
والمثير أننا في نهاية بئر «أوزير» وفى الجانب الغربي من حجرة الدفن الرمزية عثرنا على نفق طويل ضيق للغاية يصعب على أي إنسان دخوله، وكل ما يمكن استكشافه من هذا النفق مسافة خمسة أمتار عن طريق شخص ضئيل الجسد للغاية، بعدها تصعب رؤية ما يؤدي إليه هذا النفق أو السرداب كما يحلو للبعض تسميته.. وهناك بعض المهتمين بالأهرامات يعتقدون في وجود نفق يصل إلى أسفل هرم الملك «خوفو»، وآخر يصل إلى أسفل تمثال أبو الهول..
فهل يكون هذا السرداب ببئر «أوزير» أحد هذه الأنفاق السرية المزعومة؟
ومرت سنوات وأنا أحلم بالعثور على كاميرا صغيرة تدخل داخل هذا النفق وتكشف عن أسراره وغموضه.. ومنذ سنة تقريبا عثرت على فريق إنجليزي استطاع أن يصمم لنا هذه الكاميرا، ودخلنا البئر في مغامرة ثانية وأرسلت الكاميرا التي وصلت إلى أكثر من عشرة أمتار، وبعد ذلك توقفت نتيجة الطمي الكثيف الموجود بهذا النفق..
وجاء فريق صيني آخر واخترع أنبوبا يتم وضع الكاميرا بداخله لكي تمر من منطقة الطمي، وبالفعل وصلت إلى نحو ستة وأربعين مترا وتوقفت بفعل الطمي والانحناءات، وبات واضحا أننا في حاجة إلى روبوت على شكل ثعبان ليمر في هذا النفق.
وهذا الأسبوع جاء إلى مكتبي عبقري في مجال الروبوت استطاع أن يخترع بالفعل روبوتا ثعبانيا يجري على الأرض مخترقا كل ما يقابله من عوائق حتى أنني وجدت الروبوت يسير على الأرض ويتلوى ويلتف حول قدمي. وفى هذه اللحظة شعرت بأننا من الممكن أن نصل إلى نهاية السرداب السري لبئر «أوزير»، وذلك لأول مرة ومعرفة أسرار هذه البئر. لقد أصبحت التكنولوجيا الحديثة ضرورية في الكشف عن أسرار الفراعنة والوصول إلى الأماكن التي يستحيل على الإنسان كشفها.. ولا ننسى الأبواب السرية داخل فتحات التهوية بالهرم الأكبر، والكثير من السراديب الضيقة وكذلك أعماق البحار والأنهار.. علم الآثار علم مليء بالأسرار والألغاز يتسع يوما بعد يوم ويضم مجالات بحثية كثيرة وكذلك أساليب كثيرة للكشف عن الآثار.. في الماضي كان معلمونا يستخدمون الفأس والفرشاة في الكشف عن الآثار، واليوم نستخدم نحن الروبوت والليزر والرادار في الكشف عن أسرار الفراعنة.