خذ الحكمة من أفواه الموظفين!

TT

عندما أوشكت هيئة المحكمة على النطق بحكم الإعدام على قاتل زوجته التي لم يتم العثور على جثتها رغم توافر كل الأدلة التي تدين زوجها، وقف محامي الدفاع، محاولا التعلق بقشة ينقذ بها موكله، فقال للقاضي: «حضرة القاضي، حتى يصدر حكم بالإعدام على قاتل، لا بد أن يتوافر لدى هيئة المحكمة يقين لا يقبل الشك بأن المتهم قد قتل فعلا الضحية. والآن، سيدخل من باب المحكمة، دليل قوي على براءة موكلي، وعلى أن زوجته ما زالت حية ترزق!». وفي أثناء ذلك، فتح باب المحكمة فاتجهت أنظار كل من كان في القاعة نحو الباب، وبعد لحظات من الصمت والترقب، لم يلج أحد من الباب. هنا قال المحامي: «أرأيتم كيف كنتم جميعا تنتظرون دخول القتيلة! هذا يؤكد أنه ليس لديكم قناعة راسخة بأن موكلي قد قتل زوجته!»، وهنا ضجت القاعة إعجابا بذكاء المحامي، وتداول القضاة الموقف، وجاء الحكم، المفاجأة، بالنطق بإعدام الزوج المتهم! وذلك لتوافر يقين لا يقبل الشك بأن الرجل هو من قتل زوجته!

وبعد قرار المحكمة، تساءل الناس كيف يصدر القاضي مثل هذا الحكم، فرد القاضي عليهم قائلا «ببساطة عندما أوحى المحامي لنا جميعا بأن الزوجة لم تقتل وما زالت على قيد الحياة، توجهت أنظارنا جميعا نحو الباب منتظرين دخولها إلا واحدا في القاعة لم يلتفت كلية وهو الزوج المتهم، لأنه كان يعلم جيدا أن زوجته قد قتلت على يديه، فأصدرت الحكم ضده!»

هذه القصة الرمزية، وصلتني من أحد القراء وأنشرها بتصرف بسيط، تذكرنا بأن كثيرين ممن حولنا يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء وسرعة البديهة، مثل المحامي والقاضي اللذين ذكرا آنفا. وهذا دليل على أن حلول المشكلة، سواء كانت في العمل أو خارجه، ربما تأتي إلينا على طبق من ذهب من أولئك المحيطين بنا، كل ما نحتاجه هو آذان مصغية وألا نطلق أحكاما مسبقة عليهم، أو نصنفهم (Labelling)، أو نستصغر أعمارهم، حتى نتقبل بصدر رحب ما يتحفوننا به من حلول لمشكلاتنا.

ولا يختلف اثنان على أن الله، عز وجل، ميزنا بقدرات عقلية متفاوتة، فقد ينقذ موظف صغير في وزارة أو شركة، الوزير نفسه أو المدير العام أو أي مسؤول فيها، بذكائه وفطنته أو خبرته السابقة عندما يقدم لهم حلا إبداعيا لمشكلة مستعصية. وهنا يأتي دورنا كقياديين في تطعيم أي اجتماع أو فريق عمل بمن نتوقع أن يشكل انضمامه قيمة مضافة للعاملين معه، أيا كان مسماه الوظيفي.

والبحث عن حلول إبداعية حكيمة يحتاج أحيانا إلى تخطي الحواجز التنظيمية أو الإدارية التي وضعناها بأيدينا، حتى نصل إلى حل حكيم نوقف من خلاله إهدار أوقاتنا ومجهوداتنا. وفي الحديث الشريف: «الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها».

[email protected]