ماذا يفعل أطفال هذا الزمان؟!

TT

كل يوم أطلبه في التليفون فترد أمه.. أقول لها: أستاذي جاء؟ تقول: لا.. أستاذي جاء؟ فتقول دخل ينام.. أستاذي نهض من النوم؟ فتقول: ذهب لطبيب الأسنان.

وعرفت فيما بعد أنها تخاف من الحسد.. يعني انني أحسده لأنه الصغير الذي يعرف أكثر من الكبير! مع انني كنت أداعبها!

واتجهت إلى أطفال آخرين من الأسرة يساعدونني على فهم «أي باد وأي بود وغلاكسي تاب» وكلها أجهزة حديثة معقدة. ولكن هؤلاء الصغار في السادسة من العمر يعرفون ما لا يعرفه الكبار بسرعة. يعني الطفل لا يعرف كيف يربط حذاءه ولكنه يحل معضلات هذه الأجهزة شديدة الحساسية. فالطفل يجلس يلعب مأخوذا بالألعاب ساعات.. ينام أمام هذه الأجهزة ويأكل ولا يحرك ساقيه ساعات.. وهو لا يتريض.. وانما يفتح عينيه يرى ويلعب. ويحاول الآباء انتزاع الأطفال من هذه الأجهزة الساحرة. ولكن الأطفال قد أدمنوا هذه الأدوات المتطورة ويعرفون مفردات كثيرة لا يعرفها آباؤهم.

ولكن هؤلاء الأطفال لا يعرفون كيف يكتبون أسماءهم.. ولا يعرفون الكتابة باليد ويفضلون كتابتها عن طريق «الآي باد أو الآي بود».. وحاولت ولكن وجدتني غير قادر على الكتابة.. فقط أكتب سطرا وبأصبعين فقط. وزهقت من هذه المحاولة. ونظرت إلى الأطفال الصغار يتحدثون إلى أصدقائهم بالكتابة عن طريق التليفون العادي أو الآي باد.. انهم يكتبون بسرعة مذهلة.. من علمهم؟ لا أحد! هل يستطيع آباؤهم؟ الجواب: لا.

وهنا كان لا بد ان يتدخل الأطباء حرصا على صحة الأطفال الذين يعيشون على السندوتش ولا يتحركون وتوجعهم عيونهم. فالحروف صغيرة وبعض الأجهزة لا تقوم بتكبير الحروف. وفي الأسبوع الماضي نام أحد الأطفال فدخل القلم في أحد عينيه وأدماها. واحتاجت إلى عملية. ونجحت العملية ورغم كل التحذيرات وجدوا الطفل يلعب على الشاشة تحت السرير.

إن الأجهزة ساحرة فاتنة تأكل الوقت والصحة ونور العين وأقوى من كل أب وكل أم!