حوار مع شاب في ميدان التحرير

TT

بعيدا عن ما يقال خارج مصر، خصوصا ممن يريدون إلباس ألازمة ثوبا جاهزا ومفصلا، سواء عربيا أو خارجيا، تحاورت على الهاتف مع شاب مصري من قيادات المتظاهرين الشباب في ميدان التحرير بالقاهرة، وكنت قد شاهدته يتحدث بعقل، ومنطق، على برنامج «بلدنا بالمصري».

أول كلمة بادرني بها الشاب أحمد العسيلي هي «نحتاج صوت العقلاء أكثر من أي وقت آخر»، ونريد بناء الديمقراطية في بلادنا، «نعرف أنها لن تأتي في يوم وليلة، لكن المهم أن مشوارنا قد انطلق، وها نحن في ميدان التحرير». وبالطبع كان السؤال الأول: من يقودكم؟ وماذا تريدون؟ يقول: «لا أحد يقودنا، ونعلم أن في مصر قوى ستتصارع على السلطة، وهناك أناس انتهازيون، لكننا نريد من يحقق لنا مطالبنا».

وعن ترويج الغرب لاسم الدكتور محمد البرادعي يقول: قد يكون هناك أناس يؤيدونه، لكن هناك آخرين أيضا لا يريدونه. وبالطبع رأينا كيف أنكرت المعارضة المصرية أنها فوضت البرادعي للتفاوض مع النظام. ويقول العسيلي مضيفا «القوى الخارجية تروج للبرادعي لأنه وجه معروف، ويطمئنون إليه، نحن نفهم ذلك، لكن بالنسبة لنا لا فرق، يأتي البرادعي، أو عمر سليمان، أو يبقى الرئيس إلى نهاية موعده، ويحقق مطالبنا.. هناك من يختلف معي، لكن الهدف الرئيسي هو تحقيق مطالبنا»!

وعن مطالبهم يقول «بسيطة جدا.. أولا: التصويت في الانتخابات يكون وفق الهوية الوطنية بدلا من «البطاقة الانتخابية» التي توزع في أقسام الشرطة حاليا، وفي فترات محددة. ثانيا: تعديل مادتين في الدستور: التي تشتمل على من له حق الترشح للرئاسة، ومادة تحديد فترة الرئاسة لتصبح فترتين رئاسيتين فقط، وغير مهم إذا كانت أربعة أو خمسة أعوام.

ثالثا: (ويقول هذا مطلب حققناه بالفعل)، وهو أن لا ترفع العصا علينا مرة أخرى». ويقول العسيلي: «نعلم أن مطالبنا ستأخذ بعضا من الوقت، ونحن نحاول أن نهدئ الناس». مضيفا «لا نريد الفوضى، ونعلم أن بناء البلد ديمقراطيا يتطلب وقتا، لكن المهم أننا بدأنا».

ما نقلته أعلاه صورة مختلفة بالطبع عن ما يدور خارج مصر، سواء في بعض الفضائيات المرجفة، أو لدى الغرب وإعلامه. وصحيح أن الحركة الشبابية واعية لصراع القوى الداخلي، كما تعي وجود انتهازيين مدعومين من الغرب، وأن هناك من يريد تعميق الجرح المصري، ولو عربيا للأسف، لكن الحركة الشبابية بلا رأس، وهذا مكمن الخطر. وكما قال لي أحد النبهاء «السياسة مثل المسرح.. لحظة فتح الستار لا بد أن يطل الممثل على الجمهور، والخوف أن يطل من ليس لديه المقومات»!

وطالما أن الشباب يقولون إنه لا يهم من يأتي بالتغيير، سواء الرئيس، أو عمر سليمان، فمن الأفضل أن يستوعب النظام هذه الحركة، ويحولها إلى حركة تصحيحية تحت مظلة المؤسسات الشرعية، لما فيه خير مصر، بدلا من أن يقفز عليها انتهازيون لا يريدون الخير لمصر، ويفترض أن النظام قادر على فعل ذلك، وحينها قد نقول «رب ضارة نافعة».

[email protected]