4 دروس من تونس

TT

ما قام به الشعب التونسي في انتفاضة الياسمين (أنا أكره استعمال كلمة ثورة) ستكون له اصداء عالمية واسعة في محاربة الفساد والطغيان وصيانة حقوق الشعوب. الدرس الاول هو ان اللاعنف الذي أدعو إليه ويستسخفه الناس اثبت انه اجدى من العنف والارهاب والتآمر والعمل السري والاعتماد على الضباط في اسقاط الانظمة الفاسدة وإحداث التغيير اللازم. ثانيا انه اصبح من الصعب على اي نظام ان يأمن من شعبه وانقلابه عليه بين ليلة وضحاها مهما احكم مخابراته ونشر شرطته وعساكره. هكذا رحنا نسمع اليوم سائر الجموع العربية تردد شعر الشابي، اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر. فيا ايها الحاكم العربي المستهتر خلي بالك!

ثالثا، ما ان سقط زين العابدين بن علي حتى بادرت سويسرا والبنوك الأجنبية إلى الحجز على حساباته وحسابات أهله حتى تفرغ حكومتهم من محاسبتهم ومقاضاتهم. وصدرت الأوامر للإنتربول بالقبض عليهم. فضلا عن ذلك، توصلت الدول الآن إلى اتفاقات مع سويسرا ولايختنشتاين وكل بنوك الـ«أوف شور»، تتعهد بموجبها بالكشف عن حسابات اي شخص أو مؤسسة يجري التحقيق معها أو يشتبه فيها. كما ان الانتربول والرقابات المالية العالمية توصلت إلى اساليب دقيقة ومتمكنة في مراقبة وكشف كل التحركات المالية في العالم. يبدو ان معظم البنوك العربية اصبحت هي الوحيدة تقريبا في الاستعداد لقبول غسل الاموال وحماية الأموال المنهوبة. فلم يعد من المجدي للحرامية الهروب بأموالهم خارج العالم العربي الآن.

رابعا، علينا ان نتذكر ان الشعب التونسي من اثقف الشعوب العربية وعلى اطلاع واسع بقضايا حقوق الانسان. فمن أضرم نيران هذه الانتفاضة غير شاب جامعي ضاق به العيش واضطر لبيع الخضروات والياسمين ليكسب قوت يومه؟ تعرضت له الشرطة واخذت منه حاجاته فأضرم النار في نفسه واطلق بموته انتفاضة الياسمين. لو كان هذا الشاب اميا جاهلا لما فعل ذلك. لكان ان ضرب تحية للشرطي وقبل حذاءه ودس بيده قرشا واستعاد خضرواته. ولكنه كان خريجا جامعيا مثقفا فلم يفعل ذلك. فضل ان يموت على ان يهين نفسه. وهذا هوالدرس الرابع من الجمهورية التونسية.

يا حكام العالم اتحدوا وحاربوا العلم. فالجهل نور والعلم نار. وهو في الواقع درس سبق ووعاه الكثير من المسؤولين عن التعليم والثقافة في ايران والعراق فانكبوا على نشر الجهالة بين الناس وتشجيع الامية. وهذا فضل آخر من افضال الشعب التونسي ارجو ان يذكروه بالخير.