حزب شباب مصر

TT

من المؤكد أن شباب مصر قد وضعوا لهم موطئ قدم حقيقي، ولكن في حال سارت الأمور إلى ما يرجوه الجميع ويتمنونه، وهو خير مصر وتقدمها، فمن الواجب الحذر من البعض الذي يقفز على ما قام به هؤلاء الشباب.

وطالما أن مصر ستسير في مرحلة الحوار حول الإصلاح الدستوري والتشريعي، فمن الواجب أن يكون لهؤلاء الشباب حضورا قويا، وإلا فإن آخرين سيقفزون على المشهد. ولذا، ولكي لا يضيع النجاح الذي حققته المعارضة الشابة التي حركت الشارع فعليا، ولكي لا تخسر مصر كل ما تحقق لها، وبثمن غال، فقد آن الأوان لإشهار حزب جديد في أرض الكنانة يسمى حزب شباب مصر، ليحول دون أن يقفز الآخرين على جهود الشباب ويقتطفوا النجاح الذي تحقق. وكما أسلفت، فمن شأن ذلك أن يكون نجاحا لمصر كلها.

والسؤال الآن هو عندما يتم إجراء الحوار مع المعارضة، فمن سيمثل الشباب؟ هل هم الإخوان المسلمون، أم الوفد، أو البرادعي؟ بالتأكيد أنه لا أحد من هؤلاء يمثل الشباب المصري الذي قام بالجهد الحقيقي منذ يوم الغضب، ومن مصلحة مصر الدولة أن يتم إشهار هذا الحزب، أي حزب شباب مصر، وذلك لعدة أسباب مهمة.

فالواضح أن الشباب المصري المطالب بالتغيير، أو ما تعارف على تسميتهم بشباب الفيسبوك، يمثلون طاقة حقيقية وهم من سن الـ20 إلى الـ40 عاما، وقاموا بفرض واقع جديد في مصر، وهم قوة فعلية على الأرض، لم تفاجئ النظام وحسب، بل - بحسب ما أسمع من أصدقاء مصريين - فاجأوا حتى آباءهم وأمهاتهم. والأهم من كل شيء هو أن هؤلاء الشباب قوة غير مؤدلجة كالإخوان المسلمين الذين لن يجلبوا لمصر والمنطقة إلا الضرر، بل إن الشباب قد أثبتوا أنهم واعون ولم ينساقوا خلف شعارات الإخوان الدعائية، حيث أشارت كثير من التقارير الرصينة إلى أن هؤلاء الشباب قد تصدوا لكل محاولات الإخوان لرفع شعارات إسلامية في المظاهرات مصرين على أن تكون الشعارات وطنية.

هؤلاء الشباب طاقة لا ينبغي إهدارها، فهم نواة طبقة سياسية جديدة من شأنها أن تضخ الدماء الشابة في المرحلة المقبلة، وتساعد على إفراز وجوه مصرية جديدة، كما من شأنها أن تسهم في ربط طبقات المجتمع المصري ببعضه البعض، من كافة الأعمار، فتجربة مصر علمتنا أن الهوة بين الأجيال خطر حقيقي.

وكما ذكرت في مقال الأمس، فإن الشباب - وحسب ما قاله لي أحدهم وهو أحمد العسيلي - مقتنعون بأن العمل الديمقراطي يحتاج إلى سنين من البناء، ولبنة تلك البناء هو إعطاء الشباب فرصة من خلال تأسيس حزب شباب مصر. فإذا كان العسيلي قد قال لي بأنهم قد حققوا أحد مطالبهم وهو ألا ترفع عليهم عصا، فها هم الشباب اليوم يحققون جل أهدافهم. وبالتالي، فيجب ألا يترك الشباب المجال لغيرهم ليختطفوا جهودهم، كما أن من واجب مصر الكيان ألا تهدر هذه الطاقة الهائلة دون استثمار إيجابي يعود بالمصلحة على البلاد كلها.

[email protected]