دروس مصرية

TT

هل ننحو للارتجال والتسرع حين نرجع الى وسائل التواصل الالكترونية وتحديداً «تويتر» و«فايس بوك» القدرة الهائلة على التغيير الاجتماعي من دون أن نكون قد فهمنا على نحو كامل الحدود الفعلية لقدرة هذه الوسائل على التحرر والدمقرطة..

إنه سؤال بدأ البعض بطرحه ومناقشته ونحن نحتاج أن نفهم فعلاً، إذ يبدو أننا العرب قد شرعنا في دخول عصر الثورات الرقمية والشعبية من أوسع أبوابه. الشهر الماضي في تونس، الآن في مصر والمؤشرات تقودنا إلى أكثر من دولة في المنطقة والعالم. سبق أن حدث ذلك في إيران لكن القمع العنيف والإعدامات أجهضته. اليوم تبدو الصين خائفة فعمدت إلى حجب النتائج لدى طباعة كلمة «مصر» على محركات البحث الالكترونية.

إن شرارة معظم الثورات تقريباً تنطلق من الاحتجاج على وضع مجحف سواء غياب العدالة الاجتماعية والسياسية أو غياب الحريات فما الذي تسهم فيه شبكات التواصل الاجتماعي لإحداث التغيير السياسي المنشود.

لقد تمكن «الفايسوبكيون» و«التويتريون» من تكثيف تواصلهم ونقاشاتهم على نحو لحظي. تابعوا انتفاضة تونس وكل ما يجري خارج حدودهم وهذا بحدّ ذاته ولّد حوافز قوية. لقد ألهمت ثورة محمد بوعزيزي التونسية المصريين، لا شك بذلك.

طبعاً تتيح هذه الشبكات الالكترونية لراغبي التغيير القدرة على التنسيق وتنظيم الاحتجاجات واجتذاب رأي عام داعم. حتى في حالات المنع والحجب كما يحدث في مصر اليوم تتحايل الوسائل الحديثه على ذلك وما اطلاق «غوغل» لخدمة الوصول إلى «تويتر» عبر هاتف عادي سوى مظهر جديد من القدرة الهائلة لهذه الوسائط على التحايل على المنع. لكن لعل الأهم من ذلك كله يكمن في أن «تويتر» و»فايسبوك» أعطت المتظاهرين خصوصاً في الحدث المصري الراهن الأمل والشجاعة من بضع كلمات داعمة وتضامن «افتراضي» يتلقونه من داخل مصر ومن خارجها وهو تضامن يكاد يكون عالمياً بالمعنى الانساني للكلمة وليس بمعنى الأنظمة.

قد تعمد بعض الأنظمة إلى الإشادة بالمتظاهرين ودعم مطالبهم كلامياً لكن ما لم تتحول مواقف الأنظمة تلك إلى أفعال ستبقى تحركات الشارع متأرجحة.

لقد ثار التونسيون ضد بن علي، فهل كان لثورتهم أن تنجح لو لم يرفع الغطاء الدولي عنه؟

لا يطرح السؤال أي استخفاف بالثورة التونسية وبما أنجزه بوعزيزي وأترابه بل هو محاولة للفهم.

اليوم، ثار المصريون وبموازاة ثورتهم يدور حراك دولي غير مسبوق بشأن مصير الدولة ومصير النظام وعلاقاته العربية والدولية ودور الجيش فمن سيسبق الآخر ومن سيصوغ شكل النظام الجديد ودوره: حراك الشارع أم الضغط الدولي؟!

لوسائل التواصل الحديث دور هام في الانتفاضات الحديثة وهو دور يتعاظم من دون شك، لكن «تويتر» وحدها لا تصنع ثورة. لقد شق المصريون أول الطريق نحو حريتهم وعدالتهم الاجتماعية عبر «فايسبوك» و«تويتر»، لكن أن نطبع 140 كلمة على موقع «تويتر» ليس كافياً لصياغة «مانيفستو» تحتاجه أي ثورة في العالم لإزاحة نظام قمعي وفاسد ووضع نظام عادل وحرّ مكانه.

عيوننا شاخصة تجاه المصريين راجين أن تكتمل ثورتهم.

diana@ asharqalawsat.com