العراق يفقد صوته

TT

كتب الينا شاكر العزاوي من اميركا تعليقا على ما كتبته بشأن بدلة العرس ويعرب عن عجبه في انشغالي بمثل هذا الموضوع. يتساءل هل جف معين فكري، ام لم تعد عندي قضية أومن بها ولم يعد يهمني اي شيء يجري في عالمنا. شكرا على هذا السؤال. والجواب هوانني لست معلقا سياسيا في هذه الجريدة لاتابع ما يجري واعلق عليه يوما بيوم. المفروض في هذا العمود ان يكون عمودا خفيفا طعامه الفكاهة والسخرية والطرافة. اشذ احيانا فأوسخ قلمي بالسياسة العربية. فضلا عن ذلك، انني اكتب هذا العمود قبل عدة اسابيع وليس في يوم صدوره. كان من الممكن تماما ان يتزامن نشر مقالتي عن الاعراس وبدلة العرس مع موت وتشييع جنازة احد الرؤساء العرب.

ولا بد ان يتساءل الأخ العزاوي عن سكوتي عما يجري في مصر وعدم كتابة اي شيء حول هذا الموضوع. ولكنك يا سيدي يمكنك ان تعتبر سكوتي جزءا من هذا السكوت العراقي الذي يصم الآذان. فلم يصدر اي رد فعل من العراق، لا على المستوى الرسمي ولا على المستوى الشعبي تجاه ما يجري في القاهرة. التقرير التلفزيوني الوحيد الذي رأيته على الفضائيات العربية من العراق كان مقابلة وجيزة مع اثنين جالسين في مقهى يدخنان النرجيلة. لم يقولا اي شيء يذكر غير نصيحة للتونسيين في ان يتجنبوا الوقوع فيما وقع فيه العراقيون. بقبقبقبق...، وعاد الرجل يجر أنفاسه من شيشة النرجيلة.

هات ما عندك يا سيد شاكر العزاوي ونور هذا الجاهل بشؤون العراق. ما هو سر هذه الصمت؟ أيعني ان العراق الذي عرفناه مهووسا بالقضايا العربية خرج الآن من عالم العروبة؟ هل تحولت انظاره التقليدية نحو القاهرة إلى طهران الآن وانتقلت آذانهم من سماع أم كلثوم إلى سماع ايقاع اللطم؟ ولم لا؟ فأنا شخصيا اعتقد ان مستقبل العراق اصبح مرهونا بما يجري في ايران وليس ما يجري بمصر.

ولكن لما يجري في طهران وبغداد صلة بما يجري في القاهرة. استيلاء الأحزاب الاسلامية على الحكم في كلا البلدين، ايران والعراق، اصبح شبحا يخيف الغرب والمسؤولين العرب وكل الحركات العلمانية وسائر المؤمنين بحريات الانسان والفكر الحر وتطور البشرية. ساور الجميع هذا الخوف. وزاد الطين بلة تصريح وزير الخارجية الايراني بأن ما يجري بمصر سيفضي لشرق اوسط اسلامي. أسيؤدي سقوط بن علي ومبارك لارتقاء الاخوان المسلمين الحكم؟ انا واثق انه لولا هذا الخوف لبادرت اميركا والقوى الدولية للايعاز بالتغيير من اول يوم. وعليه فلم يعد الاسلامجية يهددون بمجرد برامجهم مسيرة الإنسان نحو الحرية والتقدم بل اصبح مجرد وجودهم في الساحة عقبة امام انتقال السلطة سلميا وإشاعة الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات المدنية بسلاسة ودون زعزعة الاستقرار. من باب أهون الشرين، اصبحنا نقبل بالفساد بدلا من الرجعية. كل هؤلاء الذين قضوا في مدن مصر وتونس مؤخرا ماتوا بسبب وجود الإسلامجية في الساحة السياسية. اتقوا الله يا عباد الله وفكوا عن ظهرنا.