الحل لأزمة الحكم في مصر

TT

أكتب هذا المقال الثلاثاء ومثل كل المصريين أبحث عن مخرج لأزمتنا السياسية، وتوصلت إلى حل يرضي كل الأطراف، أضعة أمامكم اليوم.

بداية، التحدي الأكبر اليوم في مصر هو الحفاظ على شرعية ما تحافظ على الدولة المصرية من حالة التفكك وتحافظ على العمود الفقري للدولة وجهازها العصبي المتمثل في الجيش المصري الذي يحمي الدولة من الانهيار.

نحن اليوم أمام رئيس متمسك بالسلطة لآخر لحظة، وحالة ثورة شعبية ليس لديها قيادة معروفة يحاول كل من ظهر على التلفزيون لمدة عشر دقائق أو حاصل على جائزة أن يختطف هذه الثورة لصالحة. إذن لا المعارضة قادرة على حسم الموقف ولا النظام، رغم أن كلا الطرفين يختلف حول كل شيء، إلا أنهما يتفقان على شرعية واحدة يحترمها الطرفان، وهي شرعية الجيش، ذلك الجيش الذي يحمي مبارك ويحمي المتظاهرين، ومن هنا يبدأ الحل من مناطق الالتقاء لا مساحات الاختلاف.

وهنا أقترح، أن يقوم الجيش المصري بحسم الأمر لصالحه، شريطة أن تكون العدالة إلى جانبه، لأن مصر تحركت من جماعة كفاية إلى مرحلة «مش كفاية»، أي كلما قدم النظام تنازلات، رفضها الشارع. ومن هنا على الجيش أن يتقدم المشهد، ويعلن نفسه حكما على ما يحدث في مصر، وأن يعين حكومة من شيوخ القضاء المصرى من المحكمتين الدستورية والنقض، ويرعى الجيش والقضاء، عملية سياسية يكون الهدف منها مساعدة المتظاهرين ومن خلفهم المجتمع كي ينتجوا ممثليهم الشرعيين من خلال انتخابات حرة نزيهة، وكتابة دستور جديد للبلاد. وأقترح أن يتحول نظام الدولة من نظام رئاسي إلى نظام برلماني مثل الحالة البريطانية، أو الحالة العراقية، ليصبح رئيس الدولة مجرد رمز، وتكون السلطة التنفيذية في يد رئيس الوزراء. والأفضل أن يكون نظاما برلمانيا بغرفتين، حتى يكون تمثيل مجلس الشيوخ أساسيا لأن لدينا مساحات قليلة السكان مثل الواحات وسيناء وبعض محافظات الصعيد. الجيش والقضاء هما القادران على رعاية هذه العملية السياسية التي تجنبنا الحديث عن الرئيس حسني مبارك أو نائبه عمر سليمان أو البرادعي أو زويل أو أي شخص آخر، من أجل التوصل إلى حالة توافق تحفظ الدولة المصرية من انفراط عقدها والحفاظ على الجيش من الانقسام.

مشكلة مصر اليوم هي الخلط ما بين الشخص والوطن، أي لا يمر الضوء بين شخص البرادعي ومصر أو شخص مبارك ومصر. والحقيقة الناصعة، هي أن مصر أهم من الشخصين، ويجب ألا ننزلق في المكابرة و«الإيجو» أو شخصنة الأمور. مصر أكبر من الجميع والمحافظة على تماسك الدولة وتماسك الجيش هما أهم أمرين الآن.

المشكلة اليوم في تكتيكات النظام وردود المعارضة، حيث لا يراعي الطرفان فروق التوقيت. لقد طالبت المعارضة يوم 25 بإقالة وزير الداخلية، فتأخر رد النظام إلى أيام، وعاد النظام وأقال الوزارة، في الوقت الذي رفع الثوار في الشارع مطالبهم إلى رحيل مبارك. ثم أتى النظام بمبادرة الحوار، فردت المعارضة بشعار «لا حوار قبل الرحيل». نحن أمام حالة خوف لدى الطرفين، الثورة الشعبية التي ترى أنه لو بقي مبارك سيسحلها سحلا لو استعاد السلطة، والرئيس يظن أنه لو ترك السلطة ستحاكمه المعارضة. في هذا الجو لا بد من دخول الحكم في الساحة وإنهاء هذا الوضع وبأسرع ما يمكن، من أجل الحفاظ على تماسك الدولة المصرية، وتماسك جيشها، وننسى مسألة إراقة ماء الوجه، فمصير مصر على المحك اليوم.

فيا أيها الجيش الوطني تدخل من أجل حماية الرئيس والوطن من حالة العناد، لقد أخرجت ثورة المصريين أحسن ما فيهم، فلا توصلوا مصر إلى حالة تنتج أسوأ ما فيها. على القضاء والجيش معا أن يتحملا المسؤولية من أجل الحفاظ على سلامة الوطن، فقد حانت لحظة الحقيقة.