العرب.. إشكالية التفكير على السلم

TT

إشكالية التفكير على السلم يمكن التمثيل لها بالشخص الذي يتذكر أثناء نزوله على السلالم ما كان يفترض أن يقوله في غرفة الاجتماعات. اليوم الكثير من القيادات السياسية والثقافية والإعلامية يمارسون ما يشبه طريقة التفكير على السلم بعد أن وضعتهم حركة الشباب الاحتجاجية في مصر وتونس أمام مفاجأة لم يستعدوا لها، ولم يتمكنوا من قراءتها بواقعية قبل حدوثها، ولذا فقد هرول الكثيرون في البداية لممارسة التنظير التقليدي على الشباب، لكن حركة الشباب فاجأت الجميع بأنها قد شبت عن الطوق، وتجاوزت الوصاية، وغدت لها رؤيتها الخاصة المستقلة التي تميزها عن الآخرين - دون الدخول في خطئها أو صوابها - وهذا ما أربك الجميع، وهم يحاولون التكيف مع واقع لم يألفوه في ظل طغيان الثقافة «الوالدية» التي تنظر للشباب كتابع لا متبوع.

واليوم بعد أحداث تونس ومصر هل نحن أمام واقع عربي جديد؟ وهل حسم الأمر لصالح الأجيال الشابة ليلعبوا أدوارا حرموا منها طويلا في ظل ثقافة تقليدية تحاول حصرهم في دوائر الرياضة والاحتفاليات؟ ومن باب الإنصاف القول بأن إشكالية الرؤية التقليدية للشباب ليست حكرا على مصر وتونس، ولكنها مظهر سلبي من مظاهر الممارسة العربية التي أحكمت قبضتها طويلا على الشباب، واعتادت أن لا تعترف بهم إلا حينما يوشكون على ارتياد تخوم الشيخوخة، وبالتالي كنا نخسر الكثير من طاقاتهم الذهنية والجسدية والإبداعية.

وباختصار: يمكن الإجابة عن التساؤل بأننا أمام واقع عربي جديد سيلعب فيه الشباب أدوارا حاسمة، ومن الحكمة إزالة مختلف الحواجز النفسية والتقليدية والموروثة لإحلال الثقة في الشباب، والرهان الحقيقي عليه، وعلينا أن نكسر من منظومة أقوالنا بعض الحكم البالية مثل: «أكبر منك بيوم أعرف منك بسنة»، فمسار العمر الزمني لا يوازي بالضرورة مسارات العمر العقلي، ولا مراتب النضوج، وهذا الشباب الذي حوصر طويلا في موقع «التابع» من حقه أن يكون «متبوعا» إذا امتلك الكفاءة والمبادرة، فالشباب في العالم المتقدم يلعب اليوم أدوارا مبكرة وفاعلة في كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإنتاجية، فتسند إليه الكثير من المسؤوليات، ويضطلع بالكثير من المهام، ويكرم بالكثير من الجوائز، وتتجدد بعطاءاته الحياة، وتتسع الآفاق، وتتواصل المراحل.

[email protected]