الغربيون يبكون «ow ow».. فكيف يبكي الآخرون؟!

TT

المجتمعات تختلف في الأصوات التي تصدرها أثناء البكاء، فلكل ثقافة - بحسب الروائي الإنجليزي روديارد كيبلينج - صوتها الخاص في البكاء، فالأفغان يبكون بالصوت: «ai ai»، والهنود يبكون بالصوت: «oh oh»، كما أن الأوروبيين يستخدمون الصوت «ow ow»، وقد سمعت شخصيا ذات مرة امرأة أفريقية تبكي بالصوت «wy wy». وحدنا في العالم العربي من كثرة خبراتنا مع البكاء تعددت أصواتنا، فهناك الصوت «الحياني»، و«الجاعورة»، وهناك الصوت الذي يشبه بكاء الهنود، ولكننا نمطه ليصبح على هذا النحو مع التكرار «oho oho oho»، و«ehe ehe ehe»، مصحوبا بـ«يا لهوتي»، وفي بعض المجتمعات العربية يلجأ عصيو الدمع إلى جلب ندابة تبكي على كل المقامات من «الحجاز كار» إلى «الجهار كاه»، مرورا بالبنجكا والسيكا والنهاوند، وقد شاهدت واحدة منهن تبكي على مدى ساعة دون أن تذرف دمعة واحدة، على الرغم من إبداعاتها في تنويع الأصوات وتنغيمها وترخيمها، والبكاء بلا دموع يشبه الفول بلا زيت، خاصة أن للدموع وظائفها في التزييت والتسليك وطرد الفضلات من مجرى الدمع.

والناس يختلفون في قابليتهم للبكاء، فهناك عصي الدمع كأبي فراس الحمداني:

أراك عصي الدمع شيمتك الصبر

أما للهوى نهي عليك ولا أمر

وهناك سكيب الدمع كابن دريد:

لا تحسبي دمعي تحدر إنما

روحي جرت في دمعي المتحدر

وهناك «البكاي» في «الفاضي والمليان»، الذي لو بكى على أحوال مدينة جدة مع السيول والمطر لزادها غرقا. والنساء أكثر ميلا إلى البكاء من الرجال، لأسباب هرمونية وتربوية واجتماعية، ولذا فهن الأطول عمرا من الرجال، فالبكاء يحقق للمرأة قدرا من التوازن النفسي الذي يفتقر إليه الرجل بسبب امتناعه عن البكاء لأسباب تربوية بحتة، ولو علم الرجال فوائد البكاء لضنوا بأن يظل البكاء امتيازا نسائيا لا يشاركهن فيه الكثير من الرجال.

ومن حق الشخص حينما يقرر البكاء أن يبكي بالطريقة التي تريحه؛ سواء كان ذلك البكاء على الطريقة الأفغانية «ai ai» أو الهندية «oh oh»، وإن كنت أظن أن الكثيرين تحت تأثير ظاهرة الاستلاب سيبكون على الطريقة الغربية «ow ow»، فالتقليد لكل ما هو غربي يمكن أن يمتد إلى البكاء أيضا!

[email protected]