شيوخ ورهبان في حياتي!

TT

كنت أحب الشيخ مصطفى عبد الرازق. لأنه رجل شيك. ملابسه شياكة وأسلوبه في الكلام وفي الكتابة غاية في الشياكة أيضا. وكان لا بد أن نقلد أساتذتنا في كل شيء. ولكن لم أفلح في أن آخذ عنه شيئا ولا أن أقلده في شيء.

والشيخ شلتوت كان عالما جليلا وكنت ألجأ إليه في قضايا فكرية. والحقيقة، لم أكن ألجأ إليه وإنما أتخذ هذه القضايا حيلة لكي أستمع إليه. وهو يقول ويولد المعاني بعضها من بعض.

والشيخ متولي الشعراوي بلدياتي. ويتكلم بلهجة ريفية ويأتي بحركات ريفية وكانت أمي تفعل مثله تماما. وحاولت أن أغير من عادات أمي والعبارات التي تستخدمها كما يفعل أهل الريف فلم أفلح.

وكان الشعراوي جاهزا لكل شيء. فقد فكر في كل شيء. وفي غاية الشجاعة يتهجم على الكلمات والمعاني ويدلك عليها. وكانت تعجبني هذه السهولة في الأداء.. وكنت أراه ساحرا يقلب المعاني ويختار أجملها وأرقها، هذا إذا كان الموضوع هو القرآن الكريم.

وكنت وأنا صغير أقرأ في مجلة «الرسالة» مقالات الأب مار أنتاس الكرملي. وكنت أندهش كيف أوتي هذا الرجل علما كثيرا! وكيف أنه يناقش أي أحد ويرد عليه. ويلقى الاحترام من القراء والكتاب. ولا أدعي أنني كنت أفهم ما يقول، لأنه يناقش قضايا في التاريخ والأدب والفن والعلوم. وكنت مبهورا بما يكتبه وما يقوله نقلا عن مصادر علمية. وكيف أن رأيه هو الفيصل في كل القضايا التي تعرض لها. وشاء حظي أن أراه في القاهرة قادما من بغداد لأنه عراقي. وكنت صغيرا بين علماء كبار. سألوه فأجاب. وناقشوه واعترضوا عليه فأجاب وأسكتهم.

ثم الأب جورج قنواتي الذي سوف يحتفل المجلس الأعلى للثقافة به. لم أكن أعرفه. وإنما كنت أتردد على الدير الدومينيكي أدرس الفلسفة المسيحية واليهودية وتفسيرات الأناجيل والتوراة والتلمود. والتقيت به صدفة في هذا الدير، إنه مصري صميم. وكان رداؤه أبيض ويتعلق صليبه من رقبته. وكان يضع يديه على صدره أو أمامه.