هل حماس تمزح؟

TT

ردت حماس، وهذا من حقها، على ما يقال في بعض وسائل الإعلام المصرية من دور لها في الأزمة المصرية الأخيرة. لكن رد الحركة الإخوانية بدا وكأنه نكتة سياسية، أو مزحة، حيث حذر القيادي في حركة حماس صلاح البردويل المصريين من تصدير الأزمة الحاصلة في مصر إلى قطاع غزة!

فيا سبحان الله.. هل باتت مشاكل مصر هي التي تصدر لقطاع غزة؟ أم إن حماس باتت تخشى من انكشاف أمرها لدى الكثيرين في مصر؟ ناهيك عن قلق الحركة الإخوانية من أوضاع غزة الداخلية نفسها، والدليل أن الحركة - وعلى وقع هزة مصر الأسبوع الماضي - أعلنت أنها لا تمانع في فتح دور السينما بالقطاع؟

السؤال الجاد الذي يحتاج إلى إجابة واضحة هو: كيف فر مساجين حماس من سجن أبو زعبل وشقوا طريقهم آمنين إلى قطاع غزة في لحظة الفوضى التي تسبب بها الانهيار المريب الذي حدث للأمن المصري؟ صحيح أن الفوضى كانت عارمة، وطبيعي أن يفر مساجين، أو مسجون، لحماس، وكذلك مساجين حزب الله، لكن غير الطبيعي هو أن يصل السجين إلى قطاع غزة بتلك السرعة، حيث قطع كل تلك المسافة الكبيرة بأمان وسلام، في الوقت الذي كان فيه المصريون يشكون من صعوبة عودتهم إلى منازلهم وهم في ميدان التحرير، وسط القاهرة.. فهل يعقل أن المصري كان يعاني من صعوبة العودة إلى منزله، بينما مسجون حماس يعود بتلك السرعة إلى غزة فارا من وسط مصر؟ بل إن الأمر الأكثر غرابة هو عندما يصل مسجون حزب الله إلى الضاحية الجنوبية، أو أي مكان في لبنان، بتلك السرعة، خصوصا أنه ليس هناك حدود مباشرة بين مصر ولبنان!

صحيح أن أمام المصريين قائمة طويلة من الأولويات الآن، وأهمها ترتيب البيت الداخلي، وإعادة تنظيم الدولة المصرية على كافة الأصعدة، سواء السياسية، أو الاقتصادية، وبالطبع الاجتماعية، بعد أيام عاصفة. لكن أيضا هناك أولوية ملحة لا بد من التعاطي معها وهي الأمن الداخلي. ومثلما يطالب المصريون بمعرفة ما الذي حدث يوم انهار الأمن في بلادهم، فلا بد من التحقيق والتحقق حول حجم اختراق الجماعات الخارجية لأمن مصر؛ فكيف استطاع كل من حركة حماس وحزب الله تسهيل فرار مساجينهم من داخل مصر، وليس السجون المصرية، إلى الخارج بتلك السرعة والسهولة. فهذا أمر ليس بالسهل أبدا! وعلى المصريين الآن عدم الانشغال بكيل التهم، فالأهم الآن هو ضبط الأمن، والتنبه للذئاب الحائمة حول مصر، من دول وميليشيات.

وكما أسلفنا، فإن تحذير حماس اليوم للمصريين بضرورة ألا يصدروا مشاكلهم إلى غزة أمر مضحك، لكنه ضحك كالبكاء، ويجب أن يذكرنا وينبهنا إلى حقيقة كثيرا ما يتم التشويش عليها في منطقتنا من قبل إعلام ودول، وهي أن هذه الجماعات من أمثال حماس وحزب الله ليسوا إلا تعميقا لمفهوم الانقسام في منطقتنا ودولنا، فهم جزء من المشكلة، وليسوا جزءا من الحل.

[email protected]