نصر الله والاعتراف الخطير

TT

بعد خطبة المرشد الإيراني الجمعة الماضية وحديثه عن ما حدث في مصر، ها هو زعيم حزب الله حسن نصر الله يطل علينا بخطاب جديد متحدثا فيه للمصريين عن ثورة مصر، والكرامة العربية، مبشرا بأن انتصار المتظاهرين في مصر سيغير وجه المنطقة العربية.

وما رأيناه في خطاب نصر الله ما هو إلا ديماغوجية لا نظير لها، وتزوير للحقائق كما هو معتاد في الخطاب الإيراني، إلا أنه لا بد من التوقف عند عدة نقاط في خطاب المرشد الأعلى اللبناني. نصر الله اعتذر لكل من التونسيين والمصريين على التأخير في تنظيم مهرجان التضامن معهم، مبررا ذلك بحماية «الثورة الكاملة» من الاتهامات، حيث يقول إنه لو عقد المهرجان من قبل «كان سيقال إن المعتصمين في ميدان التحرير والمتظاهرين في مدن مصر العديدة تحركهم خلايا تابعة لحزب الله أو لحماس أو للحرس الثوري الإيراني، وسيتحول هذا التحرك الوطني الأصيل الحقيقي إلى متهم بأنه يخدم أجندة خارجية».

وبالطبع فهذا اعتراف خطير من حسن نصر الله بأن حزب الله، وحماس، يتحركان دائما مع الحرس الثوري الإيراني، وهذه المرة الأولى التي يقول فيها نصر الله ذلك بهذا الشكل، إلا أن الأمر المهم الآخر، بل والواضح، أن تأخر نصر الله في الحديث عن تونس ومصر لم يكن بسبب خشيته من وصم المتظاهرين بالعملاء لأجندات خارجية كما يقول، بل لأنه كان ينتظر الإشارة من طهران. وها هو يصرح بهذا الشكل بعد أن خرج المرشد الإيراني في خطبة الجمعة قائلا إن المصريين يسيرون على طريق ثورة إيران!

لو كان نصر الله جادا في دعوته للشعوب بأن تهب وتطالب بحقوقها وكرامتها، لكان اعتذر للإيرانيين، على الأقل، الذين قمعت ثورتهم الخضراء، وخرج نصر الله مؤيدا لقمعها بتأييده لنظام الولي الفقيه، واحتفاله الكبير بالرئيس الإيراني يوم زيارته الأخيرة للبنان من أجل أن يساند نجاد داخليا. فمن يؤمن بحق الثوار، ويرى الخير في الثورات، لا يقبل ما تم من قمع وعنف بحق الإيرانيين يوم ثورتهم الخضراء. وها هم رموز المعارضة الإيرانية قد بادروا - وفور خطاب المرشد الإيراني عن مصر - بطلب تنظيم مظاهرات في الشارع الإيراني، فهل يؤيدهم نصر الله؟

أما الحديث عن الكرامة العربية، فلو كان نصر الله معنيا بكرامة العرب - كما يقول - لما احتل بيروت بقوة السلاح، بل ولم يكن ليختطف لبنان كله بسلاحه، حيث بات هو من يسمي رؤساء وزراء لبنان.

لذا، فإن حديث نصر الله عن مصر لا يعدو كونه محاولة للقفز على ما فعله المصريون في بلادهم، ومحاولة واضحة لغسل رصيد شائن وغير قليل من محاولات اختطاف عالمنا العربي من قبل إيران وأعوانها. فكما قلنا مرارا، إن الذئاب تحوم حول مصر لمحاولة استغلال فترة ترتيب البيت.

كل ما يريد حسن نصر الله قوله هو أنه صديق للمواطنين العرب، ولمصر، والشارع المصري. وهنا لا يملك المرء إلا ترديد المثل الشهير «مع أصدقاء مثل هؤلاء من بحاجة إلى أعداء»!

[email protected]