بعد سماع سورة البقرة!

TT

هل الساخرون عندهم حساسية ضد السخرية.. فهم يسخرون من كل خلق الله.. فإذا حاول أحد أن يسخر منهم فإن هذا يغضبهم؟ الجواب: صحيح.

لقد كان كامل الشناوي هو آخر الساخرين العظام في الصحافة المصرية وكان عبقريا في ابتكار النكت فورا.. وبسرعة تنتقل النكت إلى كل سهرات القاهرة؛ لأنها نكتة جميلة ولأنها صادرة عن كامل الشناوي.

وأذكر أنني حاولت ذلك مرة فغضب غضبا شديدا مع أنني لا أقصد ذلك.. فنحن جميعا نحبه وله فضل علينا.. أنا وجيلي من الأدباء والفنانين!

وتعبت في إرضائه.. ثم أطلقت نكتة على شخص لا يحبه. ومن أجل هذه النكتة القاتلة تم الصلح بيننا.. ولكنه لم ينسَ.. ففي يوم طلب مني أن أسبقه إلى بيت المطربة نجاة الصغيرة.. وذهبت وقابلتها.. وكانت المفاجأة أنها مزكومة، وقد فتحت شباك البلكونة والباب وطلبت مني أن أجلس وسط هذا التيار.. ولما سألتها: لماذا أجلس بين الباب والشباك؟ قالت لي: كامل الشناوي قال لي إنك تخاف من الزكام!

إن هذا التيار جعلني أعطس فورا.. وقد شربت المقلب وعدت مزكوما إلى البيت. ولم يسأل عني كامل الشناوي!

ومرة عاكست الكاتب الكبير مصطفى أمين وهو أيضا من الصحافيين الساخرين.. لقد كتب مصطفى أمين: البنت التي أحببتها ليس لها ماضٍ فقد ولدت يوم أحببتها.. فكتبت أنا أقول: البنت التي أحببتها ليس لها مستقبل فقد ماتت يوم أحببتها!

وقد غضب غضبا شديدا مع أنها مداعبة، لا أكثر ولا أقل.

وكذلك صلاح جاهين، الذي أحببته شاعرا شعبيا بليغا ساخرا بالكلمة والخط.. شكاني لعبد الحليم حافظ وشكاني لكمال الطويل.. واعتذرت له.. فلم أكن أقصد أن أجرحه.

وفضيلة الشيخ متولي الشعراوي.. عالم جليل بارع، أوتي مقدرة فذة على اكتشاف البلاغة القرآنية.. وهو ابن نكتة.. ونكته قنابل ودموع.. حاولت مرة.. ومع أنها نكتة تعتبر متواضعة.. ولكني عاكسته.. وقد انتشرت هذه النكتة أسرع مما كنت أتصور.

النكتة تقول: إن الشيخ الشعراوي عنده تليفون يرد عليك فيقول لك: هنا بيت الفقير لله متولي الشعراوي: اترك اسمك ورقم تليفونك بعد سماع سورة البقرة!