«الحمد لله على سلامتك يا مصر»

TT

العنوان أعلاه ليس من بنات أفكاري، بل هو نص ما قاله الشاب المصري وائل غنيم بعد إعلان خبر تنحي الرئيس حسني مبارك عن منصبه تحت ضغط الثورة.. نعم هي الثورة المصرية، وكما قال السيد عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، على قناة «العربية» بأنها «الثورة البيضاء».

الحمد لله على سلامة مصر التي تفاجأت بنفسها وشبابها، الذي أجرى نيلها من جديد في عروق المصريين وكل العرب.. مصر التي تفاجأت بمكانتها ونظرة العالم كله لها. والأهم من كل ذلك حب العرب لها، فعلى مدى الثمانية عشر يوما الماضية كانت مصر محور النقاش، ولها الدعاء. عربيا، كلٌ عبر عن خوفه على مصر بطريقته، وكلٌ عبر عن حبه بطريقته أيضا، لكن الجميع كان يدعو لمصر، وأمنها وسلامتها.

العاطفة هي سيدة الموقف اليوم، حتى لدى أكثر الناس عقلانية، لكن ما حدث في مصر يعد أمرا مذهلا. فهي ثورة لم يُرِق ثوارها قطرة دم واحدة، بل كانوا أكثر حكمة وتعقلا ممن حاولوا قمعهم. ظلت مصر عهدة بيد المعتصمين في شوارعها لقرابة أسبوعين دون إخلال أمني، عدا ذاك الذي حدث يوم انسحب الأمن العام. رأينا شعبا، وشبابا، يلتحفون العلم، ويقفون بجانب الجيش المصري الحكيم مرددين «الشعب والجيش إيد واحدة». رأينا حب مصر على أرض الواقع، وليس قصائد، أو خطابات.

هي ثورة الشعب، ثورة ليس لها قائد يأتي بالطائرة من الخارج مثل ما رأينا في حالة إيران يوم جاء الخميني من فرنسا، ولا هي أيضا انقلاب قصر، ولا هي أمر أبرم في مكان ما في الخارج. كل الحكاية أن مصر عادت شبابا من جديد بيد شبابها، وهذا أجمل ما رأيناه في أرض الكنانة طوال الأيام الماضية، ولكن الاستحقاقات اليوم كبيرة، سواء على المصريين أو العرب جميعا المحبين لمصر وأهلها.

اليوم لا بد أن يشمر المصريون السواعد لبناء بلد ديمقراطي حقيقي. اليوم يجب أن يقول المصريون لأنفسهم: لا للانتقام، ولا للتشفي.. ونعم لأخذ العبر. اليوم على الشباب أن يؤسسوا حزبهم، ويصدروا قياداتهم الجديدة. اليوم على المصريين، بكافة مشاربهم، أن يلتزموا كلمة شرف، أو قل «كلمة شباب» كما فعلوا في ميدان التحرير يوم كانت «كلمة الشباب» كبيرة، وهي «سلمية.. سلمية» بأن لا تكون مصر دولة آيديولوجيات، أو انقسام، بل يعلنون بناء الدولة الحديثة، دولة المواطنة والعيش الكريم، خصوصا أن المصريين قد حققوا كل مطالبهم، واليوم عليهم تحقيق أحلامهم.

أما العرب، كل العرب، فعليهم اليوم الوقوف مع الدولة المصرية، والشعب المصري، لتخرج مصر من أزمتها الاقتصادية، ولتتعافى سريعا من شدة الاهتزاز الذي حدث. فمصر ليست للمصريين وحدهم، بل هي لكل العرب. ونحن بانتظار مصر قوية، سياسيا، واقتصاديا، وثقافيا، وعلميا، وإعلاميا، وحتى فنيا. وهذا ليس كلام عاطفة، بل هذا عين العقل، فما فعله الشباب في مصر يقول لنا إن مصر ستكون دائما بخير.

ولذا نقول «ألف حمد لله على سلامتك يا مصر»!

[email protected]