حكاية باب

TT

«يجب أن يكون الباب مفتوحا أو مغلقا». قال الشاعر الفرنسي ألفرد دو موسيه في سلسلته المسرحية المأخوذة من الأمثال. حاول الرئيس حسني مبارك أن يبقي باب مصر نصف مفتوح ونصف مغلق. حاول أن يغلقه على الماضي وأن يفتحه على الحاضر. لكن «الباب يجب أن يكون مفتوحا أو مغلقا»، قال دو موسيه.

جرب مبارك لعبة أباطرة روما الذين كانوا يلهون الجمهور برمي المصارعين إلى الأسود. رمى وزير داخليته. ورمى صفوت الشريف، مهندس الأمن في جمهوريته، ورمى أمانة الحزب، ورمى أحمد عز، ورمى فكرة التجديد، ورمى مشروع التوريث، ورمى مجلس الشعب، ورمى قانون الطوارئ، لكن الناس ظلت تدفع الباب خلفه. التاريخ لا يقر بالأبواب شبه مغلقة أو شبه مفتوحة.

تباطأ الرئيس مبارك طويلا في تلقف الرسائل التي تبعثها مصر إليه. لم يصغ عندما قيل له يجب أن يكون له نائب. وتظاهر بأنه لم يسمع عندما قيل له إن التوريث في مصر مستحيل. وأدار أذنه الضعيفة عندما قيل له إن من الأفضل بعد 30 سنة حكما وفي الثالثة من الثمانين، ألا يطلب من الناس ولاية سادسة، فلما وقعت الواقعة توسل المصريين إكمال الولاية الخامسة. ولم يتوقفوا عن دفع الباب خلفه.

حتى اللحظة الأخيرة، ظل يقول إنه يرفض الإملاءات الخارجية. ولكن الإملاءات الخارجية لم تكن سوى صدى لصوت الداخل. كان الرئيس مبارك يذكر الناس بأنه بطل العبور. لكن فرنسا أرسلت إلى السجن بطل الحرب العالمية الأولى المارشال بيتان وإلى المنفى شارل ديغول بطل الحرب العالمية الثانية. الشعوب لا تعيش على ذكرى واحدة إلى الأبد. وتنسى أقواس النصر لتتذكر الرغيف. والباحث عن عمل لا يجده في كتاب التاريخ.

محزن أن الرئيس مبارك أخفق في قراءة كف مصر. ومحزن أنه لم يميز تماما بين أن يكون هذا الكف يفتح الباب أو أنه يغلقه. ومحزن أنه لم يسمع نصائح الزعماء الذين كان يعانقهم في السنوات الماضية.

وعلى نحو ما، فإن كل ما حدث محزن. ربما كان رئيس مصر يستحق ختاما أقل حدة ووداعا أقل سخرية، من مصر ومن حلفاء الأمس على السواء. وربما كان من الأفضل لهم أن يبقوا السلوك الشائن والإهانات الشديدة وبعض الأعراض الأخرى، لأولئك البلطجية الذين شوهوا صورة الدولة والشعب والأمن، وخصوصا صورة فرسان الخيل.