لجمهورياتنا.. هذا علاج الثورات

TT

ما دام إعلامنا، أو بعض إعلاميينا، يصرون على التساؤل: على من الدور بعد تونس ومصر؟ فدعونا نقدم نصيحة لجمهورياتنا المعنية بالأزمة أكثر من غيرها. ومهما قال بعض إعلامنا، الذي سنعود له قريبا بعنوان إعلام البلطجة، فإنه بدلا من المظاهرات والتخريب هناك وصفة سحرية، خصوصا ونحن نرى ما يحدث في الجزائر واليمن.

والنصيحة ليست كما ينوي العقيد معمر القذافي فعله من خلال النزول بنفسه في مظاهرات ضد حكومته، أي ضد نفسه، بل هي أبسط بكثير، وأكثر مصداقية. ففي حال اندلاع مظاهرات جادة في جمهورياتنا، فإن أفضل حل هو الدعوة الفورية إلى انتخابات رئاسية تحت رقابة دولية، ومن يكسب تلك الانتخابات يبقى على سدة الحكم، ومن يخسر يخرج بشرف، عوضا عن التشهير وتفاديا للإعلام العربي المزايد، بل وفي ذلك إراحة للإعلاميين المهنيين، خصوصا وقد مرت عليهم فترة شهرين صعبة. وليس في الأمر سخرية، بل هي دعوة عاقلة ومتعقلة، وفيها إحساس بالمسؤولية.

فبدلا من العنف الذي شهدناه في تونس ومصر، خصوصا معركة الجمل، وبدلا من مزايدات النظام الإيراني الذي يقول رئيسه نجاد - الذي يتهمه قرابة نصف شعبه بسرقة الانتخابات - إن ما حدث في تونس ومصر هو بمباركة من المهدي، وبدلا من الخسائر الاقتصادية، وبدلا من إرباك أميركا بشكل متكرر في يوم واحد، فلتكن العملية برمتها «سلمية» كما نادى بها شباب مصر، وبالتالي تجنيب المنطقة وجمهورياتنا الكثير من الخسائر وإزهاق الأرواح.

وهكذا، فإن المطلوب هو الدعوة للانتخابات فور اندلاع الاحتجاجات، وخروج الناس للشارع. فالدعوة للانتخابات الرئاسية تعني ثقة النظام بنفسه، شريطة أن تكون الانتخابات مراقبة من جهات دولية محايدة، ويسمح بنزول منافسين حقيقيين في الانتخابات. فما دامت جمهورياتنا ارتضت بأن تكون جمهورية، وليس ملكية أو جمهوملكية، ودستورها ينص على أن الشعب هو مصدر السلطة، فمن الأفضل إجراء انتخابات ما دام الشعب قد طعن بسلطة رئيسه. وذلك أفضل بكثير من البهدلة وخروج لوحات ويافطات على غرار ما رأينا في ميدان التحرير.

فلماذا نخدع أنفسنا؟ فالأزمة التي تواجه منطقتنا اليوم، وكما ذكرت مرارا منذ اندلاع أزمة مصر إلى نهاية الثورة هناك، هي أزمة الجمهوريات العربية التي تريد أن تكون ملكيات أو إمارات. وبالتالي، فإن أفضل أمر لمواجهة تلك الانتفاضات، أو الثورات، هو الدعوة إلى انتخابات رئاسية مباشرة. فما دام الرئيس اليمني - مثلا - قد أعلن بنفسه أن لا تجديد ولا تمديد، ولا تصفير للعداد أو قلعه، فمن الأفضل، وبدلا من أعمال الشغب والعنف، أن يدعو إلى انتخابات رئاسية خلال ثلاثة أشهر، وتحت رقابة دولية محايدة ونزيهة، ومن يكسب يحكم البلد، ومن يخسر يذهب إلى بيته بكل احترام، والأمر نفسه في ليبيا، بدلا من أن ينزل العقيد إلى الشارع ضد نفسه!

أوليس ذلك أفضل؟ أعتقد أن العقلاء سوف يستحسنون الفكرة. فكما أسلفنا، لا داعي لمعارك جمال أخرى، واستخدام «الفيسبوك»، أو حتى البدء بإجازته الآن، على غرار ما فعلت سورية.. فالانتخابات أقصر الطرق للسلامة!

[email protected]