دمعة تسللت بين أحداقي

TT

الظلم ليس من اليوم، ولكنه أيضا كان من زمان، ولا أستبعد أنه سوف يستمر إلى أن تقوم الساعة، ولكي أثبت لكم ذلك اقرأوا معي ما قاله المؤرخ المصري (الجبرتي) عام 1232 هجرية، في كتابه الذي أتصفحه هذه الأيام، وهو: «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»، يقول فيه:

«وفي أواخر رمضان زاد المحتسب في نغمات الطنبور، وهو أنه أرسل مناديه في مصر القديمة ينادي على نصارى الأرمن والأروام بإخلاء البيوت التي عمروها وزخرفوها وسكنوا بها بالإنشاء والملك والمؤاجرة المطلة على النيل، وأن يعودوا إلى زيهم الأول من لبس العمائم الزرق وعدم ركوبهم الخيول والبغال والرهوانات الفارهة واستخدامهم المسلمين. فتقدم أعاظمهم إلى الباشا بالشكوى وهو يراعي جانبهم لأنهم صاروا أخصاء الدولة وجلساء الحضرة وندماء الصحبة. وأيضا نادى مناديه على المردان ومحلقي اللحى بأنهم يتركونها ولا يحلقونها وجميع العسكر وغالب الأتراك سنتهم حلق اللحى ولو طعن في السن فأشيع فيهم أنه يأمرهم بترك لحاهم وذلك خرم لقواعدهم بل يرونه من الكبائر».

وبعد ردح من الزمن ها هو بيرم التونسي يقول وينوح بلسان عامل مصري غلبان:

«ليه امشي حافي

وأنا منبت مراكيبكم

ليه فرشي عريان

وأنا منجد مراتبكم

ليه بيتي خربان

وأنا نجار دواليبكم

هي كده قسمتي

الله يحاسبكم

ليه تهدموني

وأنا اللي لعزكم باني

أنا اللي فوق جسمكم قطني وكتاني

وعيلتي يوم دفنتي ما لقيتش أكفاني

حتى الأسية

وأنا راحل وسايبكم».

وددت دائما أن أرفه عنكم وأسليكم، ولكن اعذروني اليوم، فدمعة حزينة جائرة تسللت بين أحداقي ولم أستطع لردها سبيلا.

[email protected]