قبل وبعد ثورة 25 يناير!

TT

للرئيس السادات مقولة مشهورة: إن الشرق الأوسط بعد الخميني سوف يكون غيره قبل الخميني..

وصدقت النبوءة..

وممكن أن نقول إن الشرق الأوسط بعد ثورة الشباب في مصر يختلف عما كان عليه قبل الثورة. فما يحدث في مصر يتردد أصداؤه في العالم العربي وأفريقيا أيضا. وقد حدث ذلك بعد ثورة يوليو سنة 1952. وهذه ثورة 11 فبراير سنة 2011 تمت في هدوء وفي سهولة وسيولة منقطعة النظير في أي تاريخ معاصر. فكل الثورات لها ولادة عسيرة وتسبقها وتليها الدماء!

فالثورة حيوان مفترس لا يرتوي إلا بالدم. وكذلك شجرة الحرية بالدم تولد وبالدم تعيش.. إلا ثورة الشباب المصري، فهي لا دم قبلها ولا بعدها. والذين كانوا بها لا تعرف لهم اسما. ورفضوا أن تكون لهم أسماء أو يطلق عليهم لقب أبطال..

وكما هي العادة في الصحف المصرية التي تستخدم مفردات كرة القدم: الكرة الآن في ملعب الشباب.. جاءتهم الكرة فسددوها إلى الشبكة.. فهزوا شباك القلب وشغاف العقل.. يا واد أنت يا بطل.. يااللي ما جبتكش ولادة.. يا فرحة والديك.. ياللي محصلتش.. والله تساوي مئات الملايين يا ولد يأبو رجل ذهب.. إلى آخر ما في قواميس الكرة من بلاغة وتهريج أيضا.

ولذلك أخاف على شباب الثورة من الفتنة.. أي أخاف عليهم من أنفسهم أن يفتنوا بأنفسهم وهم شباب لم تفسدهم السلطة بعد.. ولا بريق الطيارات.. ثم إنهم كثيرون.. جماعات وفرق.. كما أن عددا من الأحزاب القديمة قد تسللت إليهم. والكل يتطلع إلى السلطة الجديدة سبيلا لتحقيق الآمال وإصلاح الحال والوفاء بما وعدوا وتعهدوا لمصر والعالم.

والثوار - عادة - حماسيون جدا. وعندهم تخوف من أن تقفز عليهم قوى معادية تريد أن توقف عجلات التاريخ.. ولذلك فالثوار يريدون أن يكونوا وحدهم وأن تكون قراراتهم نهارا جهارا.. ولأن الناس اعتادوا على التضليل وعلى الكذب وعلى الغش، فالثوار يريدون أن يؤكدوا طول الوقت أنهم طراز مختلف.. وهنا أخاف عليهم من الغرور ومن أن يفسدهم الناس كما أفسدوا غيرهم من قبل. ولم يحدث قط أن ثورة بهذه القوة قد تلقاها الشعب بكل الحب والحفاوة وأسلم زمامه لها. فالثورات لا ترتد إلى الخلف. لأنها قوة دافعة إلى الأمام. فلا خوف عليها إلا منها هي.. ثم من أعداء الشعب.. خصوم التجديد.. الحاقدين على الشباب وأسلوبه الجديد وخياله البديع.