لكي لا نحصر السبب بين السرة والركبة

TT

يعلل البعض اهتزاز سلطة الرجل - من منظور «فرويدي» - إلى تراجع فحولة الرجل، الذي يعاني من سوء التغذية، وعدم مزاولة الرياضة، وأنه - أي الرجل - أصبح على حد قول أحدهم: «يرجع من الشغل مهلهل».

هذه الرؤية «الفرويدية» لتفسير المتغيرات الاجتماعية رؤية ذكورية تقليدية مسكونة بهاجس الفحولة، التي تشكل في مخيلتها الحل لكل مشكلات الإنسان الحياتية، وتحصر الأسباب بين السرة والركبة، ولعل هذا التعليل المخاتل لاهتزاز سلطة الرجل هو ما دفع لأن تصبح سوق المنشطات الجنسية في العالم العربي من أهم الأسواق على مستوى العالم، حيث يصل حجم الإنفاق العربي في هذه السوق إلى مئات الملايين، ويضع العرب في مقدمة شعوب الأرض إقبالا على هذه العقاقير بكل أنواعها من «الفياغرا»، و«اليوبريما»، و«السيالس»، و«السنافي»، وغيرها، فمسألة الفحولة لدينا مسألة تأتي في مقدمة المسائل التي نعتقد أنها مفاتيح حلول مشكلاتنا مع المرأة.

إن اهتزاز سلطة الرجل - كما أسلفت - لا يمكن اختزالها في المساحة بين السرة والركبة، وعلى الرجل أن يعيد حساباته في علاقاته بالمرأة في ضوء المتغيرات الاجتماعية، والثقافية، والتعليمية، فواقع المرأة الحالي يمثل نتيجة حتمية لتعليمها، وعملها، ونمو وعيها، إذ إنها لم تعد عالة على الرجل اقتصاديا وفكريا واجتماعيا ونفسيا، وبالتالي ليس عليها أن تستمر في دفع الضريبة خضوعا وتبعية وإذعانا، ومما يؤسف له أن الرجل العربي - سي السيد - الذي نام طويلا في العسل لم يتنبه لكل هذه المتغيرات إلا بعد فوات الأوان، حيث ظل طويلا يتعامل مع المرأة وفق سياقات زمنية «ماضوية» لم تعد تتسع لها الحياة المعاصرة في ظل الكثير من المتغيرات، ولذا فإن علاقة الرجل بالمرأة تتطلب فهما جديدا يتجاوز الصورة النمطية التقليدية، فالمرأة اليوم غير المرأة بالأمس، إذ هي اليوم أكثر استقلالية، وجرأة، وثقة بالنفس، ولم تعد ذلك المخلوق التابع، الذي يحركه الرجل كما يشاء، فالثقل الثقافي والفكري والتعليمي في الكثير من البيوت لم يعد في صالح الرجل، ولا أستغرب أن نسبة من النساء اليوم يؤثرن «العنوسة» على ارتباطات غير متكافئة في الوعي، تكون فيها المرأة مجرد كائن إنساني لا وظيفة له في الحياة سوى إمتاع الرجل، وإشباع غرائزه.

[email protected]