إن حدثت في إيران.. فهي رائعة

TT

كثيرا ما قلت هنا، في هذه الزاوية، إن قناعتي هي أنه إذا صلحت مصر صلح العالم العربي، وإن فسدت فسد. واليوم نرى الشارع الإيراني يتحرك على غرار ما حدث في مصر، فهل ينجح الإيرانيون ضد نظام الملالي لنقول: وإن صلاح إيران سينقل المنطقة كلها نقلة إيجابية أخرى؟ في حال فعلها المتظاهرون في إيران، فالأكيد أن ذلك سيكون أمرا رائعا!

هذه ليست شماتة أو تحريضا، بل هي حقيقة، فمنذ الثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه وجاءت بنظام الملالي، لم تعرف منطقتنا الهدوء يوما مع نظام جعل تصدير الثورة الخمينية هدفا له. فبعد الثورة ارتفع منسوب المد الأصولي بشكل مذهل في كل منطقتنا، وهو أمر دفعنا جميعا ثمنه، وما زلنا إلى اليوم، وهو مد ضرب كل التيارات الأخرى في المنطقة، لكنه لم يقدم حلولا حقيقية أبدا. وها هم الإيرانيون أنفسهم، وأبناء ثورة الخميني يثورون على الثورة نفسها بعد ثلاثين عاما.

حدوث ثورة في إيران سيكون الحدث الجلل الذي بمقدوره أن يساوي المنطقة من جانبين، بعد ما حدث في مصر، سيكون حدثا تهتز له دول، وسيفتح آفاقا لمنطقة لم تتذوق طعم الاستقرار منذ عقود. نجاح ثورة إيرانية جديدة يعني أن إيران ستعنى أكثر بمواطنيها، سيكون همها الداخل، وليس تصدير الثورة الخمينية، وزرع القلاقل، وتهييج الطائفية في المنطقة.

حينها، مثلا، ستجد سورية نفسها وجها لوجه مع مواطنيها، بلا شعارات خارجية أكل الدهر عليها وشرب، وعليها أن تتعامل مع دول المنطقة والعالم، وفق إمكانياتها الحقيقية، وليس وفق إمكانيات حليفها الإيراني، وقدرته التخريبية. وسنجد حزب الله يتحجم، ويصبح لزاما عليه أن يختار بين العمل السياسي الطبيعي، مثله مثل المكونات اللبنانية، أو أن مصيره الانتحار. كما ستكون مشروعية كل المكونات السياسية في العراق، والزعامات، قائمة على خدمة الوطن والمواطن، وليس الطائفة، أو الطائفية، وبغطاء إيراني، ولن يجد الحوثيون من يمدهم بالأموال، وبالتالي عليهم العودة للعقل، فحينها سيكون هناك واقع جديد.

وهل قلنا حماس؟ بالطبع، حينها ستعود الحركة الإخوانية إلى العمل السياسي الحقيقي، أو اختيار طريق المقاومة التقليدي، وسيكون حينها ليس خيارها الوحيد، لأنها لن تجد غطاء ماليا يحفزها على الاستمرار بالتمرد فقط من أجل التفرد بسلطة. وفوق هذا وذاك سيلتقط الخليج أنفاسه، ولو لفترة، وسينزع فتيل الحروب من منطقتنا. وفي حال كانت مصر الجديدة ديمقراطية حقيقية تحترم الحريات الفردية، وتقيم دولة القانون، وجاءت إيران الجديدة على غرارها، فحينها سيكون على دول الخليج الشروع في النقلة الأخرى.

قد يقول قائل إن هذا تبسيط، أو أحلام، والإجابة بسيطة جدا، فمن كان يحلم أن يحدث ما حدث في تونس، أو مصر؟ وبالتالي، فإن مجرد خروج تلك الأعداد المتظاهرة ضد النظام في إيران، أول من أمس، فهذا يعني أن النار ما زالت تحت الرماد في إيران، وأنه ما زال هناك أمل في أن تخرج منطقتنا من عنق الزجاجة الذي طال اختناقنا فيها.

[email protected]