سيدة البيت الأبيض غير الجميلة

TT

يقولون في الأمثال: (لكل ساقط لاقط). وأنا أقول: ليست كل الأمثال دقيقة على الرغم من صحتها في أكثر الأحيان، لكن (الحظوظ) أحيانا، أو الظروف، تلعب دورا غير متوقع فتتحرف من جرائها حياة بعض الناس عكس ما كانوا يأملون أو يخططون، إما إلى الأحسن وإما إلى الأسوأ.

وسوف أضرب لكم مثلين: الأول لشاب صغير لا يتجاوز عمره عشرين عاما، اشتغل عاملا في إحدى المزارع الأميركية لمدة 3 أعوام، وكان بعد أدائه لعمله كل يوم ينام في مخزن علف المواشي، وقدر له أن يهيم إعجابا وحبا ببنت صاحب المزرعة التي تقاربه بالعمر، التي هي أيضا بادلته الإعجاب والحب نفسيهما، وتقدم لوالدها لكي يخطبها ويتزوجها، غير أن الوالد صدم من جرأته تلك، فكيف لمثل ذلك الشاب العامل الفقير المعدم أن يفكر مجرد تفكير أن يقترن بابنته؟ فأنهى عمله فورا وطرده شر طردة، وانتهى الموضوع عند ذلك.

وما هي إلا سنة وتزوجت البنت برجل ثري يماثل في ثرائه والدها، ولم يستمر زواجهما أكثر من عامين حتى طلقها، ورجعت إلى منزل ومزرعة والدها كسيفة حسيرة.

وبعد ما لا يقل عن خمسة وعشرين عاما قرر الوالد أن يعمل تحسينات كبيرة في مزرعته، وعندما أتوا (الزريبة) أو مخزن علف المواشي لإزالته، وإذا بهم يشاهدون اسما محفورا على أحد العوارض الخشبية مع رسم قلب مخترقه سهم مع كتابة الحرف الأول لذلك العامل الفقير مع الحرف الأول للبنت التي أحبها، وعندما دققوا بالاسم الكامل وإذا هو (كالفن كوليدج) الذي أصبح رئيسا لأميركا.

ويذكر كالفن كوليدج فيما بعد لو أنه قدر له أن يقترن بتلك الفتاة، فمن المؤكد أنه سوف يظل بقية حياته في تلك المنطقة ولن يغادرها أبدا، غير أنه شعر بالمهانة عندما طرد، وصمم على أن يغير مجرى حياته جذريا، فصب جهده كله على أن يتعلم ويكافح حتى وصل إلى ما وصل إليه.

ويقال إن البنت التي بلغت الخمسينات من عمرها عندما عرفت ذلك كادت تنشب أظافرها بوجه والدها.

والمثل الآخر قرأته بمذكرات امرأة أخرى، وتقول في إحدى فقراتها:

كنت طوال طفولتي أتوق إلى الاهتمام بأمري؛ لأنهم جعلوني أحس بأنني لا أملك شيئا يثير الاهتمام أو يفوز بالإعجاب.. وقيل لي إنني لن يكون لي قط ذلك الجمال الذي تتمتع به بقية بنات الأسرة لأنني كنت أقبحهن شكلا.

وكنت أذوب خجلا لأنني أضطر إلى ارتداء ثياب صُنعت من ملابس عماتي القديمة، وأخجل لأنني لا أستطيع الرقص أو الانزلاق جيدا كما يفعل الآخرون.

وما زلت أشعر بالامتنان البالغ، عندما طلبني أحد الفتيان لكي أرقص معه في إحدى مآدب عيد الميلاد.. وكان اسم هذا هو (فرانكلين روزفلت)!!

هذا هو ما ذكرته (إليانور روزفلت) التي أصبحت سيدة البيت الأبيض.

[email protected]