وهل مصر إسرائيل؟

TT

قرأت خطاب حسن نصر الله قراءة متمعنة، ولم أر فيه ما رآه البعض من أنه يهدد ويتوعد، بل على العكس، كان قلقا وهو يعدد فوائد ثورة الخميني، ويطعن بالأنظمة العربية الأخرى التي يصفها بالعمالة.

خطاب طائفي مقيت متلحف بالنظام الإيراني، فالرجل لم يقل حتى كلمة عن ما يحدث في إيران اليوم من مظاهرات، بل هو يعدد مزايا نظام الولي الفقيه، ويريد أن يقول إن المشهد في المنطقة الآن يكتمل لسيطرة إيرانية. وهذه أحلام، بل ظهر أن نصر الله يحاول طمأنة الفلسطينيين، والسوريين، وغيرهم على الوضع في إيران، فخطابه لا يعدو أن يكون أكثر من دعوة لحلفاء إيران على ضرورة الثبات، فهو يريد أن يقول إن النظام في إيران لم يهتز!

لكن من الأمور المهمة في خطاب نصر الله أمس هو أن الولي الفقيه اللبناني كان يحاول تشتيت الأنظار عن الاحتفالية الكبيرة التي أقامها حزب الله لسجينه الهارب من مصر، حيث استقبل سامي شهاب بطريقة تشبه كثيرا مشهد استقبال سمير القنطار يوم عاد من إسرائيل. ظهر سامي شهاب على المسرح وحيى جموع الحاضرين من أتباع حزب الله، وكأنه البطل العائد من مهمة وطنية من قلب إسرائيل، وليس مصر العروبة، في مشهد يجعل المرء يتساءل: وهل باتت مصر مثل إسرائيل؟ فإذا كان شهاب بريئا كما يقول الحزب، الذي يبارك زعيمه ثورة مصر وتونس، ويقول إنها ثورة عربية كريمة، فكيف يتم الاحتفال بشهاب بذلك الشكل؟ أم أن حزب الله يريد القول لأتباعه بأنه قادر على إنقاذ عملائه من أي أرض عربية، وذلك من أجل تقوية الروح المعنوية لعملائه الآخرين في الدول العربية الأخرى؟

حزب الله بالطبع، وفي محاولة تذاكٍ واضحة، يحاول إيهام الرأي العام العربي، والمصري، بأن شتيمة النظام المتنحي تعني أنه نصير للثورة المصرية، بينما يحق له ولحزبه أن يعبث بأمن مصر كيفما شاء، هكذا بكل بساطة! إلا أن السؤال الملح، وقد طرحناه مرارا وتكرارا، هو: كيف خرج سامي شهاب من أرض مصر ووصل إلى لبنان؟، وليس: كيف هرب من السجن؟ فالهروب من السجن قد يكون أمرا طبيعيا، حيث استغل الفوضى التي حدثت في مصر يوم انهيار الأمن.. الفوضى التي هاجمنا البعض يوم سميناها بهذا الاسم، لكن الهروب من أرض مصر كلها والوصول إلى لبنان، حيث لا حدود مباشرة بين البلدين، فهذا هو الأمر المحير، والذي يجب أن يشغل المصريين جميعا، بكل أطيافهم، بل والعرب، فمهاجمة وانتقاد النظام المتنحي في مصر شيء، واختراق أرض مصر كلها، أمر آخر.

ولذا فإن على المصريين اليوم، وهم في غمرة ترتيب أوراقهم، أن يطرحوا السؤال الكبير: كيف اخترق حزب الله أمن مصر؟ عليهم فعل ذلك لكي لا تتحول أرض الكنانة مسرحا للعملاء من كل حدب وصوب، وألا يحدث على أرضهم ما حدث ويحدث في لبنان.