ولكنهم ما زالوا خائفين!

TT

كثير من الثوار الشبان في مصر يتحدثون عن الذي فعلوه على أنه شيء عادي جدا. وهذا هو السهل الممتنع.. أي الذي امتنع على الذين أكبر منهم سنا.

واحد قال في التلفزيون: نحن رأينا أن الأوضاع في مصر غلط. لم تعجبنا. وقررنا أن نغيرها - هكذا بهذه البساطة - ودارت بيننا مناقشات. ثم أمسكنا ورقة وقلما وكتبنا ما هي الأخطاء. وكيف يمكن إصلاحها.

وقد كانت البداية مثل بداية الشبان الذين أنشأوا موقع «فيس بوك». وقالوا إنه موقع اجتماعي. ولقاء بين أصدقاء يتكلمون معا.. ويتواعدون بالكلام معا. والذي جذب الشبان الذين أنشأوا الـ«فيس بوك» أنهم كانوا طلبة في جامعة هارفارد. ورأوا أن يتحدثوا. وكان لقاؤهم وحوارهم حول موقع اختاروه..

وفجأة فكر أحد المبدعين واسمه تسو كريرجر: ولماذا لا يكون هذا الموقع لكل الناس؟ والتقى عنده بكل الناس حتى بلغ عددهم 560 مليونا ويزيد يوما بعد يوم!

وهذا ما حدث لشباب «ثورة ميدان التحرير»: ولماذا لا نفعل بعد الاتفاق على كل شيء وبوضوح شديد للحشد من أجل التغيير: الإضراب والاعتصام الجماعي.. ثم اعتصام الفئات واحدة بعد الثانية.. ثم الإضراب العام الذي يشل كل مظاهر الحياة في البلد. وهم لم يحتاجوا إلى كل ذلك لأنهم فقط اتفقوا وتظاهروا واعتصموا في مكان واحد أصبح الآن مزارا لكل فئات الشعب. وليلة وافقت القوات المسلحة على ضرورة أن يرحل الرئيس مبارك انتقلت القاهرة كلها إلى ميدان التحرير ليشاركوا ويروا الميدان المعجزة. وكان الثوار قد قدروا أن ثمانية ملايين سوف يخرجون في يوم النصر..

وخرج هذا العدد.. ويزيد.. بل خرجت كل الفئات في كل المدن تطبل وتزمر وتزغرد بانتصار «الثورة البيضاء» التي لم يرق فيها دم بيد المتظاهرين. فلم تكن لدى الثوار أسلحة. وإذا كانوا قد احتلوا من القارة الأفريقية مساحة ميدان التحرير فإنهم في الحقيقة احتلوا قلوب وعقول مئات الملايين في العالم يندهشون لثورة كانت مفاجأة لكل أجهزة المخابرات. فالرئيس أوباما قد لام المخابرات المركزية كيف لم تعرف. والكونغرس الأميركي انتقد المخابرات كيف لم تعرف.. ولا حتى المخابرات المصرية ولا جهاز الأمن القومي.. فقد تكتم الثوار على كل أفكارهم وخطوات الغد وتطلعات ما بعد الغد. لا يزالون يتشككون في ما سوف تفعله القوات المسلحة.. رغم تعهداتها الكثيرة بأنه لا خوف على أحد ولا خوف من أحد!

ولكن عاد ميدان التحرير خاليا منهم. ولكن ميدان التحرير كان مجلس قيادة ثورة هؤلاء الشبان. ولن ينساه أحد!