مثل هيرودوت والمعري وطه حسين!

TT

كان أستاذنا العقاد يختار لتلاميذه أسماء الحيوانات التي تشبههم. فالشاعر عبد الرحمن صدقي: الضبع، وزكي نجيب محمود: الهدهد.. إلخ.

وقد اختار لنفسه اسم حيوان أيضا. وهو يقارن دائما بين الإنسان والحيوان. ويرى أن التجارب الأولى كانت في الحيوانات التي ظلت ترتقي وترتقي حتى صارت إنسانا.. ومر الإنسان بمراحل حيوانية. فكان يمشي على أربع ثم حاول الوقوف معتدلا واحتاجت هذه المحاولة ملايين السنين. وأخيرا، صار الإنسان على الصورة التي نحن عليها. ولكن صلته بعالم الحيوان لم تنقطع. وقال العقاد إنه في المناطق البدائية يقلدون صوت الحيوان ومشيته. وبعض القبائل تعبد الحيوان وتحرم على نفسها أن تأكله..

وكذلك الطيور والحشرات.. ففي الهند مثلا، هناك جماعات الهاريجن وهم لا يقتلون النمل وإنما يضعون للنمل السكر في أركان البيت..

وقد اختار لتلاميذه أسماء الطيور أيضا. للشبه الشديد بينهما. ولم نناقش كل هذه النظريات، لا أقصد أنا وإنما أقصد الأساتذة الكبار في صالون العقاد. ولا بد أنهم اعتبروا العقاد يتندر ويتفكه.

ولكن العقاد لم ير الطائر الشهير الذي يسمونه «الكاتب» لأن هناك وجها للشبه بينه وبين الكاتب. فالطائر لديه ريش طويل يخرج من وسط رأسه.. تماما كالأقلام التي كان يضعها الكاتب زمان على أذنيه.. وكذلك هذا الطائر قد وضع الأقلام وثبتها تماما كأنه لن يكتب أبدا.. أو منعوه من الكتابة فالتصقت الأقلام، وكان الكاتب أيام يستخدم ريش الطيور أقلاما..

ولون الطائر سنجابي.. أي لون خلايا المخ، فهي سنجابية اللون..

ولون الرقبة أحمر وأصفر وبرتقالي.. أي يساري مخفف.. أي مثل ثورة هابل في دولة تشيك.. ثورية وردية أو مخملية.. أي تمسك العصا من الوسط. وريش جناحيه طويل جدا يصل إلى أكثر من متر.. وله ساقان طويلتان. وإذا وقف ففي الأبهة والثقة بالنفس.. ثم إنه يحني رأسه قليلا فالأقلام ثقيلة. والكتابة هم بالليل وذل بالنهار.. أو هي هم على طول أو ذل مدى الحياة..

وهو مثلي أفريقي وبس. لأنه بعد ذلك يعيش على الحشرات والثعابين. وإذا أعطيته قطعة من اللحم فلن يلمسها. وهكذا ترى أنه نباتي؟!

ثم إنه لا يقرأ ولا يكتب مثل هيرودوت والمعري وطه حسين وستيفن هوكنغ.. فهو الكاتب الذي لا يكتب.

وكان على زماننا أشهر الأطباء اسمه د. عبد الله الكاتب وليس كاتبا.. ولم يكن توفيق الحكيم طبيبا.

وسوف أحاول أن أقترب؛ فالأمر صعب. لأن الطائر الكاتب اختار أشجار الشوك يعيش فيها ويبني عشه على الأرض.. وترك الشوك يحمي صغاره من الوحوش ومن الذين كالوحوش يحاولون أن يعرفوه أكثر مهما كان الشوك!