إنه الجنون في ليبيا

TT

ما يحدث في ليبيا اليوم من عنف دولة يعد جنونا بمعنى الكلمة، فحجم العنف الذي يستخدمه النظام لقمع الثائرين بلغ حدا يوحي بأن النظام يريد إحراق البلاد من أجل الاحتفاظ بالسلطة، التي يحتفظ بها العقيد القذافي منذ 42 عاما.

ما يحدث في ليبيا يقول إن النظام قد انتهى، داخليا وخارجيا، انتهى داخليا بحجم العنف الذي يرتكبه بحق مواطنيه، من استخدام للأسلحة والذخيرة الحية بكل أنواعها. فحسب قناة «الجزيرة» القطرية، فإن النظام استخدم المقاتلات الجوية لضرب مناطق في طرابلس. وها نحن نرى انقسامات في صفوف الجيش الليبي، واستقالات على مستوى الوزراء والسفراء الليبيين حول العالم، وها هو نائب مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة يطالب القذافي بالتنحي. فلا أحد يجرؤ على البقاء داخل نظام يستخدم هذا العنف المرعب ضد العزل من شعبه. وها هي القبائل في ليبيا تهب ضد النظام، وهذا أمر مهم جدا، وله مدلولات بالطبع. وباتت المدن الليبية تسقط الواحدة تلو الأخرى بيد المناهضين للحكومة الليبية.

أما خارجيا، فها هي دول العالم تندد بعنف ما يفعله النظام الليبي بحق شعبه، وإن كان يستغرب البعض التصريح الأميركي الذي يقول إن واشنطن لا تزال تدرس الموقف، والتحليل الوحيد هو أن إدارة أوباما بدأت تتأكد اليوم من ضعف حيلتها تجاه ما يحدث في المنطقة العربية، وبالطبع قلقة من قادم الأيام، ومستقبل المنطقة ككل وسياساتها. وعليه، فإن المجتمع الدولي يستشعر اليوم خطورة الوضع، واحتمالية سقوط النظام، خصوصا أن الدول الغربية قد بدأت في سحب رعاياها من ليبيا، فما يحدث هناك بات أمرا يستحيل على المجتمع الدولي تجاوزه.

كل ما سبق يقول إن احتمالية استمرار النظام الليبي باتت ضعيفة، فالنظام بات يترنح بقوة شديدة، والأرض تهتز تحته بقوة، والدوائر الخارجية باتت تضيق عليه، خصوصا أن وزير خارجية بريطانيا قد قال، يوم أمس، إن المعلومات تشير إلى أن العقيد معمر القذافي في طريقه إلى فنزويلا، على الرغم من النفي الفنزويلي. وهذا قد يعني أن العقيد القذافي يبحث له عن ملجأ، خصوصا أن هناك مؤشرا آخر مهما، وهو أن سيف الإسلام القذافي خرج، أول من أمس، في خطاب مطول يهدد الليبيين، إلا أنه ما لبث أن أعلن، ثاني يوم، تشكيل لجنة تقصي حقائق، في مؤشر واضح على تراجع النظام الليبي. وهذا مشهد بات مألوفا بالنسبة للمتابع، بعد ما حدث في كل من تونس ومصر، حيث كانت الردود المتأخرة مؤشرا حاسما على تداعي تلك الأنظمة.

ولذا، فإن سقوط النظام الليبي قد بات غير مستبعد، وإن استمر، فإن بقاءه سيكون صعبا جدا، إلا أن الخوف اليوم، كل الخوف، هو من تزايد القتلى في صفوف المواطنين الأبرياء العزل. فمع حجم الأسلحة المتوافرة لدى النظام الليبي، الذي اتضح أنه لا يتوانى عن استخدامها بحق مواطنيه العزل، فإن أرقام القتلى في تزايد مرعب.

ولذا، فلا نملك إلا أن نقول: حمى الله المواطنين الليبيين العزل، وكان بعونهم.

[email protected]