لا يزال هناك أمل في التعامل مع تحديات ديوننا

TT

خلال الأيام التي تلت الكشف عن موازنة الرئيس أوباما، كان التصور العام أن الرئيس رفض توصيات لجنته المالية، التي نشارك في رئاستها، وأن فرصة اتخاذ إجراء جاد إزاء العجز ضاعت. ومؤكد أن موازنة الرئيس لا تذهب بعيدا بالقدر الكافي في معالجة التحديات المالية التي تواجهها الولايات المتحدة. وفي الواقع، فإنها لا تذهب إلى أي مكان قريب. لكننا ننظر إلى النصف الممتلئ من الإناء، ونعتقد أنه توجد فرصة حقيقية لأن تجد خطة تخفيض عجز يؤيدها كلا الحزبين طريقها إلى مكتب الرئيس بنهاية العام.

العملية لا تزال في مراحلها الأولى. وكما هو متوقع لم يكشف أي من الجانبين عن كل ما لديه من أوراق، لكن تفهم قيادات في كلا الجانبين مدى المشكلة، ويعرفون ما يجب القيام به. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل في مقدورهم التحلي بالشجاعة السياسية لاتخاذ خيارات صعبة قبل أن تختارها الأسواق لنا؟

تتخذ موازنة الرئيس بعض الخطوات الأولى الإيجابية إزاء التعامل مع العجز المحتمل؛ إذ تعترف بأن النفقات هي المشكلة، وأنه يجب ضبطها بصورة تحمي الاستثمارات المهمة داخل الدولة.

وتجميد، لمدة خمسة أعوام، لنفقات غير أمنية إضافية، لا يعني الذهاب بعيدا بالقدر الذي تصل إليه خصومات إضافية قدمنا مقترحا بها، لكنها تعني السير في الاتجاه الصحيح. تتبنى موازنة أوباما الكثير من الإصلاحات الجيدة في الرعاية الصحية والنفقات الطوعية التي تجعل هذه البرامج أكثر فعالية وتستهدف أموال دافعي الضرائب حين توجد حاجة ملحة إليها.

بالإضافة إلى ذلك، يعترف الرئيس بأن العوائد الجديدة يجب ألا تأتي من رفع معدلات ضرائب الدخل، لكن من تقليل «النفقات الضريبية» - الثغرات والخصومات والائتمانات المتنوعة التي هي نفقات تحمل اسما آخر.

ومن المثير للأسى أن الرئيس يراهن على القضايا الكبرى؛ ففي الرعاية الصحية، تدعو ميزانيته إلى مجموعة فقط من المدخرات وبعد ذلك يطلب من الكونغرس أن يحدد الباقي.

إنه يقف بذلك دون الإصلاح الشامل اللازم من أجل تبسيط قانون الضرائب وتوسيع القاعدة وتقليل المعدلات وخفض العجز، ويقترح بدلا من ذلك قيدا صغيرا على الخصومات لمن يحصلون على دخل أكبر (وهو ما عارضه الكونغرس على مدار العامين الماضيين). ولا يقترح أوباما شيئا لاستعادة ملاءة الضمان الاجتماعي، ويدعو ببساطة لعملية يدعمها كلا الحزبين.. وهو على صواب؛ حيث يجب البدء بعملية يدعمها كلا الحزبين. في مؤتمره الصحافي يوم الثلاثاء، قال الرئيس: إن خطة اللجنة المالية مثلت «إطارا لحوار»، مشيرا إلى أن «هذه ستكون عملية يذهب فيها كل جانب، داخل كلتا غرفتي الكونغرس، ذهابا وإيابا، ويبدأ الجانبان تقليل خلافاتهما حتى نصل إلى شيء يحتمل تمريره».

ويتمثل الاختبار الحقيقي فيما إذا كان سيمضي في هذه النوايا الطيبة؛ إذ عليه أن يقدم القيادة اللازمة لخلق مناخ يمكن في إطاره بدء مفاوضات جادة بشأن الخيارات الصعبة الماثلة.

ويعتبر بناء الثقة والاحترام المتبادل شيئا مهما من أجل الوصول إلى حل وسط مبدئي بشأن إصلاح مالي حقيقي. وللقيام بشيء ذي بال، يجب أن تتشكل عملية من خلال وضع أشخاص مناسبين داخل الغرفة، وهم قيادات مستعدة للعمل سويا بصورة بناءة وفي وضع يمكنهم من تمثيل الإدارة وكلا الحزبين في الكونغرس. ولا يمكن حدوث ذلك إذا كان جميع المشاركين غير واثقين في أن الآخرين يتفاوضون بنوايا حسنة. وإذا كانت لجنتنا اختبارا لحكومة منقسمة، فنحن قد عرضنا دليلا مدويا على أن الحزبين يمكنهما العمل سويا من أجل صالح البلاد. وحظيت توصياتنا، التي من شأنها تخفيض العجز بنسبة 4 تريليونات دولار، بدعم 11 عضوا من بين 18 عضوا (خمسة ديمقراطيين وخمسة مستقلين ومستقل). وتكفي أغلبية نسبتها 60% من أجل تمرير أي شيء في واشنطن.

ولا تعتبر خطة لجنتنا شيئا مثاليا في منظور كلا الحزبين، ومن غير الواقعي توقع أن أيا من الحزبين سيوافق عليها بالكلية. ولكن إذا كان كلا الجانبين يتحلى بالجدية إزاء تحقيق إصلاح، وليس مجرد تسجيل نقاط سياسية أو ضمان إعادة الانتخاب، سيدركان أن خطتنا تحتوي على شيء شامل وتمثل حلا وسطا مبدئيا يصب في صالح البلاد.

في النهاية، يحدونا تفاؤل إزاء فرص الإصلاح المالي ومستقبل هذه البلاد؛ فالمنظومة السياسية لا تتحرك دوما بسرعة أو بثبات، لكن مدى التحديات القائمة يفرض عليها اتخاذ إجراء. وتحتاج البلاد بصورة ملحة إلى اتفاق واسع يدعمه كلا الحزبين يعتمد على تضحيات مشتركة وليست حسابات السياسة كما هو معتاد. ويمكن أن تمثل خطة اللجنة المالية نقطة البداية، ويجب أن تكون نقطة النهاية شيئا طموحا بالقدر نفسه.

والآن هذه لحظة الصدق.. فقد ولى عصر إنكار العجز، ونعول على أن يرتقي قادة بلادنا إلى مستوى التحدي.

* إرسكين بولز: شغل منصب رئيس طاقم البيت الأبيض إبان رئاسة بيل كلينتون.. وآلان سيمبسون: عضو جمهوري سابق بمجلس الشيوخ من ولاية وايومنغ والرئيس المشارك للجنة الوطنية المختصة بالإصلاح والمسؤولية المالية

* خدمة «واشنطن بوست»