حل مشكلة أفغانستان: الانسحاب منها

TT

على ما يبدو، لا أحد يريد الحديث عن الحرب في أفغانستان، فلم تأت ضمن مناقشات مجلس النواب الأسبوع الماضي لقانون الموازنة، الذي يوصف بأنه انعكاس للانضباط المالي الجديد، رغم اقتراض عشرات المليارات من الدولارات من أجل الحرب، وفي خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس على مدى ساعة الشهر الماضي لم يخصص الرئيس سوى أقل من دقيقة للصراع في أفغانستان. ونظرا لكم الاستثمارات والتضحيات التي قدمتها بلادنا على مدى عشر سنوات، ينبغي ألا تتوقف الهواتف في مقراتنا عن الرنين من الأشخاص الذين سئموا من سماع أن الولايات المتحدة لا تملك ما يكفي من المال لتقديم إعانات البطالة أو توفير وظائف جديدة.

لكن عادة ما يظل الأميركيون صامتين، فلم تكن الحرب حتى بين قضايا انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي هيمنت على غالبية النقاشات العام الماضي. ربما كان ذلك عائدا إلى أنه لا توجد أجندة محددة وأن عددا قليلا من الشعب الأميركي هم من يجازفون بحياتهم، أو ربما لأن أحدا لا يشعر بأنه يدفع فاتورة الحرب التي تتحملها البطاقة الائتمانية لدافع الضرائب الأميركي.

أيا كانت الأسباب، ليس هناك من عذر لهذا التجاهل الجمعي، ففي هذه الحرب التي امتدت 112 شهرا، ما يجعلها أطول حرب في التاريخ، أكثر من 1,400 جندي أميركي فقدوا حياتهم في أفغانستان، وأصيب ما يزيد على 8,800 في الحرب، وهناك عشرات من الذين عانوا إعاقات أو أضرارا نفسية، أضف إلى ذلك ما أورده البنتاغون في نوفمبر من ارتفاع معدلات الانتحار بين الجنود، وبلوغ حالات الإعاقة بين قدامى المحاربين إلى أكثر من 700,000 حالة إعاقة، بما في ذلك الاضطرابات النفسية. في الوقت ذاته، يعيش الرئيس حميد كرزاي، حليفنا المزعوم، في مستنقع من الفساد. وقد وضعت منظمة الشفافية العالمية أفغانستان في المرتبة الثالثة من حيث أكثر الدول فسادا بعد الصومال وبورما. أضف إلى ذلك أن الجيش والشرطة الأفغانية حلفاء غير موثوقين و«القاعدة» في جانب آخر.

كان جو بايدن، نائب الرئيس قد صرح في أفغانستان بأننا «سنغادر إذا كنتم ترغبون في خروجنا». كما أكد الرئيس في قمة الناتو في لشبونة على أننا موجودون أفغانستان لأربع سنوات قادمة على الأقل. لكن ما هو العائد جراء ذلك؟ لماذا نحتاج إلى التضحية بالمزيد من الأرواح الأميركية؟ ولماذا ينبغي علينا أن نواصل تأييد التي ترتكب الاحتيال في الانتخابات؟ وعوضا عن ذلك، لماذا لا نستخدم كل مصادرنا لملاحقة الإرهابيين الذين قتلوا العديد من مدنيينا في سبتمبر (أيلول) 2011؟

وصلت الأغلبية الجمهورية الجديدة في مجلس النواب إلى السلطة في جزء كبير عبر وعودهم بالسيطرة على الإنفاق وخفض العجز في الميزانية. هذه الحرب تكلفنا بالفعل أكثر من 450 مليار دولار، مشتركة مع الحرب في العراق، والتي تمثل 23 في المائة من العجز في الميزانية منذ عام 2003. أين الاحتجاج العلني من حركة حفل الشاي وصقور العجز في الميزانية؟ يجب أن يعبر المحافظون الماليون عن استيائهم البالغ من أن الحرب تمول بأموال مقترضة وأن من يدعمون الحرب يجب أن يتحملوا هم التكلفة.

وأين هو الغضب الليبرالي؟ يجب على من سئموا من إخبارهم بأننا لن نستطيع توفير وظائف أو تقديم إعانات بطالة أو رعاية صحية أن ينتحبوا على وزارة الخزانة التي استغلت كماكينة صراف آلي لدعم حكومة كرزاي.

وكي نكون منصفين، هناك عدد قليل من منتقدي الحرب البارزين في اليسار والوسط واليمين، لكن غالبية الأميركيين صامتون بشأن التضحيات الهائلة التي تقدمها بلادنا من الدم والثروات، ولذا يجب عليهم أن يطالبوا ويكتبوا أو أن يصرخوا.

ما الذي نتخلى عنه كي نحافظ على الوضع القائم؟ يرى جوزيف ستيغلتز، الأستاذ بجامعة كولومبيا أمام لجنة شؤون المحاربين القدامى بمجلس النواب في سبتمبر بأن تكلفة الحرب في العراق وأفغانستان تشمل دفع فوائد على الأموال المقترضة لهذه الحروب ورعاية جنودنا المصابين والمحاربين القدامى ستصل إلى ما 4 بين 6 مليارات دولار.

نحن نعتقد أن التكلفة المالية والإنسانية للحرب غير مقبولة ولا يمكن دعمها. إنها تفلس الولايات المتحدة. يجب على الولايات المتحدة ألا تبحث عن مخرج لنحرر أنفسنا من أفغانستان، لا خطة للبقاء لأربع سنوات أخرى، «ثم سنرى فيما بعد». هذا يعني أن نتخلى عن الشعب الأفغاني، بل ضرورة التخلي عن استراتيجية الحرب هذه، والتي أخفقت في إقرار الاستقرار في أفغانستان ولم تحسن من الأمن فيها. وكما كتب ضابط الجيش المتقاعد أندرو باسيفيتش فإن «الموت في سبيل هدف غامض سياسة خاطئة».

من السهل على السياسيين مسايرة الدولة لا المعارضة، لكننا انتخبنا للقيام بالأمر الصائب لا المنفعة السياسية والتي نعترف بأنها صعبة للغابة لكن فيها صالح بلادنا. هذا الأمر الصائب هو وقف هذه الحرب.

* ماكفرن عضو الحزب الديمقراطي في مجلس النواب الأميركي عن ولاية ماساشوستس، وجونز عضو الحزب الجمهوري في مجلس النواب عن ولاية كارولينا الشمالية.

* خدمة «واشنطن بوست»