يا مستجيب الداعي اشف جميع أوجاعي

TT

هل هو عيب أن يعترف الإنسان بنقائصه؟!

إذا كان ذلك يعتبر عيبا، فالنقائص إذن لا تغطيني فقط، ولكنها (تكفنني) من رأسي إلى أخمص قدمي، مثلما يقولون. ولا أجد في ذلك أي حرج أو غضاضة، بل إنني أستغرب ممن يستهجنون أسلوبي هذا مع نفسي، ولولا قليل من المجاملة لقلت لهم: هيّ نفسي وأنا حر فيها، إيه اللي مزعلكم؟!

منها مثلا أنني لا أجيد الحديث (الشفاهي) مع الآخرين، وكثيرا ما تورطت بالتعبير عن شيء أنا أقصد نقيضه، ويعتبر من أحدثه أن كلامي هو إهانة له، فبدلا من أن أمدحه، يزل لساني من شدة الحماسة فأتلفظ بكلمة (هوجاء) ليس لها مكان في الإعراب، فتكون وبالا علي.

وجراء ذلك قاطعني أحدهم نهائيا منذ أكثر من عشرين عاما و«ما زال يقاطعني ولا مقاطعة العرب لإسرائيل»، وذلك لأنني بدلا من أن أقول له: أنت صقر، قلت له: أنت (شبّوط)، اعتقادا مني أن الشبوّط بالذات هو أذكى الطيور الجارحة، وكلامي أو تلفظي ذاك صحيح جدا، لماذا؟! لأنني قرأت عن ذلك الطائر تقريرا وثائقيا مفصلا يثبت بالدليل القاطع ذكاءه، ولكن للأسف (ليس كل مجتهد مصيبا).

كما أنني أعترف أيضا بأنني لست منصتا جيدا لمن يحدثني من الرجال، بعكس إنصاتي لمن تحدثني من النساء. ولكي أكون صادقا وحقانيا، لا بد أن أقول: ليس كل النساء، فإنصاتي هو لواحدة في الألف منهن، أما (99.9%) فأعطيهن (الطرشة).

لهذا ما فتئت شبه (مذهول) في حياتي كلها.

فهل معنى ذلك أنني أحرث البحر وأنا لا أدري؟! احتمال..

هل معنى ذلك أنني (أهرف بما لا أعرف)؟! احتمالان.

فبالله عليكم يا من تعرفون وجهوني وخذوا بيدي، حددوا لي اتجاه (البوصلة)، فالشمال عندي أصبح جنوبا، والشرق أصبح غربا، والتيس أصبح عنزا، والخيار أصبح بطيخا، والنور أصبح ظلاما أو العكس، وكل العظماء في تاريخي أصبحوا أقزاما، وكل العشاق مع عشيقاتهم دفنتهم دفعة واحة تحت الأرض، متخيلا أنني العاشق الوحيد في هذه الدنيا ولكن (يا لوعتي ويا شقايا).

فما أطول ليلي، وما أقل صبري، وسوف أموت في القريب العاجل كبهيمة الأنعام دون أن يأتيني الربيع.

* * *

هل صحيح مثلما ذكر لي أحدهم أن الأحزان التي نتخيلها هي أعمق وأكثر أسى من الوقت الذي تتركه لنا الحياة الحقيقية من أجلها؟!

لا أدري، لأنني في هذا الوقت الذي أكتب فيه الكلمات بيدي اليمني، أكفكف دموعي بيدي اليسرى، والله وحده يعلم ما يجيش به صدري من الحزن والحب للناس جميعا.

أعذروني لو أنني اليوم، كنت معكم على غير عادتي، لأنني لا أستطيع أن أكذب أو أتجمل.

و(يا مستجيب الداعي.. اشفِ جميع أوجاعي).

[email protected]