إسرائيل تفاوض القرضاوي!

TT

ليس المقصود الإثارة، ولا هي نكتة العام، بل هذا ما طرحه رئيس الموساد الأسبق إفرايم هليفي، الذي توجه بنداء إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يدعوه فيه إلى فتح حوار مع الشيخ يوسف القرضاوي، وذلك بعد أن ألقى القرضاوي خطبته الأخيرة في مصر، وربما بعد فتواه بهدر دم القذافي!

ويبدو أن الإسرائيليين يعتقدون أنه باتت للقرضاوي الكلمة العليا في مصر، والعالم العربي، ويعتقدون أنه أصبح المرشد الأعلى للأمة الإسلامية. وهذا تسطيح، وجهل بحقائق الأمور؛ فالإخوان المسلمون حسموا أمرهم من قضية التعامل مع إسرائيل منذ فترة طويلة، كما يبدو، وهم لا يستخدمونها إلا لتجييش الشارع العربي، وابتزاز الأنظمة العربية، ومنها النظام المصري السابق، وإلا فكيف نفسر تصريحات الإخوان المسلمين بعد تنحي نظام الرئيس حسني مبارك؟ حيث صرح أحد أعضاء الجماعة، قائلا، حول اتفاقية كامب ديفيد: إن الاختلاف، أو الانتقاد، لاتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية كانا حين طرح الأمر للنقاش، لكن بعد توقيع الاتفاق فإن الأمر بات ملزما. هذا هو موقف الإخوان المعلن بعد تنحي مبارك، وهذه هي التقية السياسية بالطبع!

وإذا كان الإسرائيليون يعتقدون أن خطبة الشيخ القرضاوي الأخيرة في مصر دليل قوة له، ونفوذ، فتلك قراءة خاطئة؛ لأن تلك الخطبة، وما صاحبها، ما هي إلا قفزة على المشهد؛ لذا فإننا نرى انزعاجا كبيرا من قبل شرائح مصرية عدة.. أما إذا كانت دعوة رئيس الموساد الأسبق للحوار مع الشيخ القرضاوي مبنية على فتوى الشيخ الإخواني بإهدار دم العقيد الليبي معمر القذافي ففي هذه تعجل أيضا.. فأين القرضاوي من معمر القذافي طوال عشر سنوات مضت؟ إذ كان القذافي زميلا للشيخ القرضاوي طوال تلك السنوات في قناة «الجزيرة». فلو بحثنا على موقع الـ«يوتيوب»، فسنجد أن أكثر محطة عربية كانت تنقل خطب القذافي وحواراته هي قناة «الجزيرة» القطرية، ولأوقات طويلة؛ حيث كانت تمنحه الفضاء ليهاجم من يشاء، ويقول ما يشاء. فأين كان الشيخ يوسف القرضاوي من ذلك كله، خصوصا أن القذافي ليس طالبا مستجدا في مدرسة الديكتاتورية، بل هو عضو عتيد فيها طوال 42 عاما من عمر حكمه لليبيا؟!

وبالطبع، إن ما سبق لا يعني أننا نرفض محاورة الإسرائيليين للشيخ يوسف القرضاوي؛ فالأمر متروك له أولا وأخيرا، وهو خير من يقدر الأمر، لكن المقصود هو الإيضاح للقارئ العربي؛ حيث يبدو أن مريدي الإخوان، وتلاميذ الشيخ، قد باتوا أكثر جرأة وتحررا هذه الأيام، خصوصا بعد ما حدث في مصر، وبعد فتوى شيخهم بجواز قتل القذافي؛ حيث اعتبروا ذلك عملا أخلاقيا، وكأن المفروض على عالمنا العربي أن يلاقي القتل بالقتل، والجريمة بالجريمة! وكأنه ليست هناك محاكم يُجلب لها المتهمون، سواء أكانوا أشخاصا عاديين أم حتى زعماء لينالوا عقابهم، فلم نسمع عن فضائيات تتحول إلى محاكم وتعطي إذنا بالقتل، فتلك جديدة جدا، وغير مسبوقة!

[email protected]