إنه اليوم الذي ليس له أمس!

TT

محاولات كثيرة بذلها العلماء لمعرفة كيف بدأ هذا الكون.. أشهر هذه النظريات وأبقاها حتى الآن هي نظرية القسيس البلجيكي جورج لومتير (1894 - 1966). وقد شغلته هذه النظرية وهو شاب صغير. وقد جاءت الحرب العالمية الأولى فقطعت سلسلة أفكاره. وقد لاحظ رؤساؤه أنه عندما يطلبون إليه أن يلتفت إلى حيث يوجد العدو كان يترك العدو وينظر إلى السماء.. وبعقله وعبقريته كانت نظرية «الانفجار العظيم». هو لم يطلق هذا التعبير على أفكاره بأن الكون بدأ بانفجارات متنوعة؛ وإنما العلماء الإنجليز قد سخروا من أفكاره وقالوا: لا فرقعات ولا صواريخ وإنما هو انفجار عظيم..

وفي سنة 1933 التقى جورج لومتير وعالم الرياضيات الكبير آينشتين، واستمع آينشتين إلى نظرية «الانفجار العظيم»، وصفق له واقفا وقال: «هذا أجمل ما سمعت عن تفسير نشأة الكون!»، أو عن اليوم الذي ليس له أمس، لأنه بداية الزمان والمكان والمادة والمادة المضادة والمادة السوداء والطاقة والطاقة السوداء.

ويرى لومتير أن البداية كانت انفجارا أدى إلى طاقة جبارة وظهور سحب من الأكسجين اتحدت مع مواد، وتشكلت هذه المواد تحت ضغط هذه الجاذبية الهائلة، وتكونت المادة والنجوم والطرق اللبنية - الجلاكسي..

ثم إن الكون يتمدد بانتظام.. وفي كل تحركات الكون له سلوكيات منضبطة ومتسقة، وأن قوانين نيوتن للجاذبية هي هي.. والعجيب أن كل ما يحدث في الكون يتم في انسجام جميل حتى قيل إن هذا الكون جهاز جبار في غاية الروعة.

وتنوعت النظريات الفيزيائية الفلكية، ولكنها جميعا كما يقال في الموسيقي «تنويعات على لحن واحد».. وبقيت نظرية «الانفجار العظيم» هي أكثر النظريات إقناعا وانتشارا ورسوخا في الفيزياء الفلكية.

وهذا اليوم الأول في كتاب جديد عنوانه «ألف يوم ويوم غيرت العالم». وهذا اليوم لم يغير العالم؛ وإنما أوجد العالم: المادة والطاقة والمجرات والنجوم والكواكب منذ 13 ألف مليون وسبعمائة مليون سنة؛ وهو أحدث تقدير لعمر الكون الذي نعرفه!