يوم ظهرت ثلاثون بحيرة!

TT

أما اليوم الأول بعد الألف في كتاب «ألف يوم ويوم» فقد كان الزلزال الذي أصاب الصين يوم 12 مايو (أيار) سنة 2009. في ذلك اليوم تفسخت الأرض وابتلعت الأشجار والحيوانات والناس. وانفتحت القنوات على الأنهار وظهرت ثلاثون بحيرة. وكان الزلزال بقوة سبع درجات وتسعة من عشرة بمقياس ريشتر - ريختر خطأ!

وفي أول لحظة قضى على ربع مليون نسمة. وإلى جانب التدفقات المائية ظهرت الحرائق وتحولت ملايين البيوت إلى عجينة أهلكت سكانها وجعلت الوصول إليها صعبا. فما استطاعت الزوارق الصغيرة ولا طائرات الهليكوبتر أن تنقذ الأطفال والنساء والشيوخ.. أما الذي أفلت من انهيار الجدران فغرق في البحيرات أو حبسته المياه. وكثيرون ماتوا قبل أن تصل إليهم النجدة..

وقد فتحت الصين أبوابها ونوافذها لكل وسائل الإعلام. وكان قرارا غريبا من الحكومة الصينية أن تسمح للصحافيين بأن يدخلوا البلاد وأن يصوروا وأن يتأكدوا من الأرقام الرسمية، وأكثر من ذلك سمحت للصحافيين بلقاء رئيس الدولة!

وكان مهرجانا لعلماء الطيور والحشرات، فقد ظهرت طيور لم يرها الناس إلا نادرا. وخرجت من تحت الأرض ومن فوق الأشجار زواحف نادرة. وبينما كان الأطباء غارقين مع الغارقين، فإن علماء الطيور والزواحف والحشرات خافوا أن يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة في مواجهة الطوفان والحرائق. بل التقطت إحدى وكالات الأنباء صورة لأحد العلماء وهو يرقص طربا والدنيا من حوله تبكي. ولكنه في دنيا أخرى..

ولا أنسى يوم ذهبت لزيارة صديق في المستشفى قد أجريت له عملية في الأمعاء.. ووجدت طبيبا سعيدا يغني ويرقص وقد وضع جزءا من أمعاء صديقي في إناء ضخم ونقله خارج المعمل ولم ينتبه إلى أن أبناء الفقيد واقفون ينتظرون النهاية. لقد كان سعيدا يرقص.. سألته قال: هذه أول مرة في حياتي أرى هذا الشيء في الأمعاء.. تستأهل أن أكتب عنها رسالة ماجستير. وكاد أولاد الفقيد يفتكون به. وشكوه. فهو لم يستأذن في اقتطاع لحم من جسد أبيهم. وأظنهم ذهبوا إلى القضاء..

هذا الزلزال وقع في منطقة تبعد عن شنغهاي تسعين ميلا. وبسرعة جاءت شركة السينما الأميركية لتلتقط المناظر الخارجية لفيلم عنوانه (يوم ظهرت ثلاثون بحيرة)..