ثورة الإخوان!

TT

ليس المقصود هنا أن «الإخوان» هم من قادوا ثورة مصر على النظام؛ بل إن الخبر هو أن شباب تنظيم الإخوان المسلمين في مصر ينوون القيام بثورة على التنظيم نفسه، وهذا أمر لافت في حد ذاته، ولعدة أسباب..

أولا، إن مجرد تخطيط شباب «الإخوان» لجمع قرابة ثلاثين ألف منتم للتنظيم للقيام بثورة على الحركة الإخوانية، والوجوه القديمة فيها، يؤكد أن أبناء الحركة أنفسهم متذمرون من التنظيم الذي شاخ، حيث تسيطر مجموعة محددة على القرار، في الوقت الذي كان يطالب فيه «الإخوان» النظام المصري السابق، أو الدول العربية، بالتعددية والانفتاح، وغيره من المطالب. وبالطبع، فإن ثورة شباب «الإخوان» على التنظيم ليست فقط مجرد محاكاة لما فعلته ثورة 25 يناير بمصر؛ بل كانت هناك مطالبات سابقة من قبل الشباب للثورة على التنظيم، لكن كان من الواضح أن العمل السري، والعداء مع النظام المصري السابق، قد ساعدا على تماسك التنظيم؛ فمعروف أن العدو يوحد. وبالتالي، استطاع تنظيم الإخوان المسلمين الصمود أمام الناقمين عليه من أبنائه طوال تلك السنوات، لأن النظام المصري السابق كان يهدد الحركة ككل. وبالتالي، فإن الوضع قد اختلف اليوم.

الأمر الثاني، واللافت، هو حديث المهندس كمال سمير فرج، منسق عام «ثورة شباب الإخوان المسلمين» لصحيفة «المصري اليوم»، حيث يقول إن «لدينا أزمة في الانتخابات الداخلية للإخوان بعدم وجود مجال للترشح، والجماعة تنظر لقيادتها على أنهم شيوخ، وفكرة التنافس لم تكن مقبولة لدى الإخوان، والجماعة تستخدم اللائحة في الوقت الذي تريده وتغيبها عندما لا تريد استخدامها». والأدهى من كل ذلك قول المهندس فرج في الحوار نفسه، إن «مصر بعد 25 يناير، تختلف عنها قبل هذا التاريخ، بما في ذلك الإخوان، وكان يمكن أن تصدر الجماعة قرارا بفصل شخص وتقول أي أسباب، أما الآن، فالوضع اختلف، ونحن لن نسمح لأحد بإقصائنا من الجماعة».

وما قاله المهندس كمال سمير فرج عن وضع «الإخوان»، قبل 25 يناير، يشبه كثيرا ما كان ينتقد به «الإخوان» نظام الرئيس السابق مبارك، من حيث عدم وجود مجال للترشح في الانتخابات، وعدم القبول بفكرة التنافس، واستخدام اللوائح في الوقت الذي يريده التنظيم، وإلغاؤها في الوقت الذي ترى فيه الجماعة أنه غير مفيد، ناهيك بفصل الأشخاص من دون أن يجرؤ أحد على الاعتراض! ويبدو - وكما قال لي أحد الإخوة المصريين - أن النظام المصري وعلى مدى ثلاثين عاما قد أفرز معارضة تشبهه كثيرا، بدليل الانتقادات التي يوجهها شباب «الإخوان» إلى التنظيم نفسه اليوم.

وعليه، ربما تكون «ثورة شباب الإخوان المسلمين» على التنظيم نفسه دعوة لمن يدافعون عن التنظيم ويهاجموننا على انتقاده ليعيدوا النظر، أو القراءة من جديد، لواقع التنظيم وحقيقته. فليس كل ما يلمع ذهبا، كما يقال! والأمر لا يقتصر بالطبع على الإخوان وحدهم، فكما يقول أحد الزملاء: «ومن يعلم؟ فقد تأتي أيضا ثورة شباب حزب الله قريبا»، لكن يبدو أن هذه الثورة مرهونة بنجاح الثورة الخضراء في إيران!

[email protected]