الفصفصة والطيران الشراعي!

TT

كنا ستة: أربعة من رواد الفضاء الأميركان، ود. فاروق الباز عالم الفضاء المصري، وأنا.. ووقفنا أمام بعض النقوش، ولم تستوقفنا اللوحات الجدارية. لقد اعتدنا عليها. ولكن أحد الرواد صرخ: «ليست طيورا وإنما هي طائرات شراعية لأن كذا وكذا!».

أي إن الفراعنة قد عرفوا الطيران الشراعي وأنهم أول من اخترعه، وهذا الذي نراه دليل على ذلك.

ودارت مناقشات علمية وتاريخية، وأجريت حديثا مع رائد الفضاء الذي أصر على أنها طائرات شراعية، ووجد الرسومات نفسها في لوحات أخرى وفي زمن واحد!

ولم نكد نفرغ من زيارة المتحف المصري حتى استأذن أحد الرواد قائلا إنه نسي شيئا. وغاب. وذهبنا إليه.. ووجدناه في حالة جنون يصور بعض النباتات المرسومة على الجدران.. وقال: «إذن أنتم أول من زرع هذا النبات طعاما للحيوان، وكنت أظن أنهم الهنود وأميركا الوسطي. إنهم الفراعنة».

أما هذا النبات فقد قال اسمه باللاتينية، وهو نوع من البقول، وهو نبات له سنبلة رفيعة وله أوراق ثلاثية، أي كل ثلاث أوراق معا، ثم له عقد خضراء هي التي تمتص النتروجين من الهواء غذاء لهذا النبات، وهذا النبات هو أهم علف لحيوانات الأميركتين وأوروبا، ولكنه في الأصل مصري.

واصطحبت في اليوم التالي أحد كبار موظفي الزراعة، فأكد أن معلومات الرائد الأميركي صحيحة، وأن هذا النبات اسمه في القاموس العربي: نبات «الفصفصة»، وأن العالم ينتج منه سنويا ما يقارب مائة مليون طن علفا لأبقار روسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية. ومما قاله الرائد الأميركي، إنه وجد مادة فريدة لمحاضرته المقبلة: عن نبات «الفصفصة».. إلى الطيران الشراعي.

وبعد أسبوعين، تلقيت كتيبا صغيرا وفيه صور لنا في المتحف المصري، وصور كثيرة لنبات «الفصفصة»، وصور أكثر للطيران الشراعي وكيف أن الفراعنة وصلوا إلى الطيران الشراعي، ولكن واجهتهم صعوبات فنية فعدلوا عن هذا المشروع الرائد. وفوجئنا أيضا بنصوص على الجدران، وقد نشر ترجمة لها. المترجم أحد علماء المصريات الأميركان. أما ورقة البردي فتقول: «الولد ذهب وحده إلى جانب من البحيرة وحاول الارتفاع ولكنه سقط». أي إن الذي حاول الطيران اختار البحيرة حتى إذا سقط فيها لم يصبه أذى.

ولا بد أنه حاول وفشل، ولذلك انقطعت أخبار الطيران الشراعي!