هل العالم خربان؟!

TT

إنني أتساءل: ما هذا العالم الخربان؟!

ولكن لا بد أن أستدرك وأعتذر وأقول: ليس كل العالم، وإنما بعض منه.

وإليكم نموذجين؛ الأول أعرفه وعايشته، والثاني قرأت عنه في إحدى الصحف المصرية.

وأبدأ بالنموذج الثاني، فالخبر يقول:

إن هناك زوجا يحب ويعشق زوجته إلى درجة تكاد تصل إلى العبادة، إلى حد أنه من حبه وعشقه لها قرر أن يفاجئها ويشتري لها هدية معتبرة في عيد ميلادها. إلى هنا والموضوع حلو ويشكر عليه.. ولكنه، وبينما كان يقود سيارته بأمان الله، في شارع (26) يوليو المزدحم في القاهرة، توقف عند إشارة المرور، وإذا به يلمح سيارة بجانبه وفيها زوجته العزيزة راكبة مع رجل، وقد استغلت (الحرباية) توقف السيارة وأخذت تحيطه وتتبادل معه القبلات الحميمة والحركات التي ترفض حتى القنوات التلفزيونية المحترمة أن تعرضها على الشاشة.

فما كان من الزوج الغيور إلا أن يغلي الدم في عروقه - «ومعاه حق» - فنزل بكل «حماشة» وفتح باب السيارة الأخرى وبدأ في كيل اللطمات والصفعات للرجل الذي يقبل زوجته، ويبدو أن ذلك الرجل كان أقوى منه بمراحل، ولا يعلم أنه هو زوج (الست)، فبادله اللكمات والصفعات بأعنف منها، وطرحه أرضا وأخذ (يتوطى) ويدوس على بطنه بأقدامه، وتوقف المرور بعد أن أغمي على الزوج المسكين من شدة الضرب، فطلبوا له الإسعاف الذي نقله على وجه السرعة إلى المستشفى وهو بين الحياة والموت.

لا أدري إلى الآن ماذا وصلت إليه هذه المأساة من نهاية، وهل زوجته زارته في المستشفى يا ترى؟ وهل هو خرج من غرفة الإنعاش؟ أم إنه ذهب شهيدا؟! الله أعلم.

أما النموذج الثاني، فهو لصديق لا يزال مع الأسف حيا يرزق ولديه - ولا حسد – زوجتان، وفوقهما ما لا يقل عن عشرة أبناء، كلهم أصحاء، وبدلا من أن يحمد ربه على هذه النعمة؛ إذا به، والعياذ بالله من ذلك، يصطفي له خليلة، أي (عشيقة).. وفي أحد الأيام، وبينما كان يقود سيارته في شارع البغدادية المزدحم بجدة، وبجانبه خليلته الشقراء الفاردة شعرها على الآخر، إذا بإشارة المرور الحمراء توقفه، كان المسكين أمامه وخلفه عدة سيارات لم تخطر له على البال، ولا يستطيع أن يتقدم ولا أن يتأخر ولا (يحوص أو يلوص)، وإذا بالسيارة التي عن يمينه هي سيارة (الجيمس) التي اشتراها للتو لعياله، كان يركب في تلك السيارة زوجتاه (المدردحتان) مع أولادهما العشرة الذين فتحوا نوافذ الزجاج وأخذوا يصيحون وينادونه قائلين: «يا بابا.. يا بابا»، مقترنة بصرخات زوجتيه وشتائمهما (البذيئة)، وكان هو متشبثا كالجرذ (بالدريكسون)، ومتسمّرا بمقعده والعرق يشرشر على صدغيه، ولا يلتفت ولا يستطيع أن يرد كلاما؛ فعلا يقول إيه؟! ولو أنك يا عزيزي القارئ كنت في مكانه، تقول إيه؟! وقد ذكر لي هو في ما بعد موقفه قائلا: «إن تلك الدقيقة التي كانت بين الإشارة الحمراء والخضراء، كانت أطول وأصعب من أي وقت مر علي في حياتي». ولم أرد عليه إلا بجملة واحدة: «تعيش وتاكل غيرها».

[email protected]