مشاغلة السعودية

TT

سبق للرئيس الإيراني أحمدي نجاد أن قال - حسب ما نقلت عنه وكالة «فارس» - إنه «لا ينبغي النظر إلى الإعلام على أنه وسيله لإيصال المعلومات، وإنما هو أحد الأهداف بعيدة المدى على الصعيد السياسي».

والطريف أن أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، يشارك نجاد نفس الرؤية، إذ سبق للظواهري أن قال إن نصف المعركة في الإعلام! وحقيقة هذا ما نلحظه اليوم مع تكاثر المحاولات للتشويش على السعودية، ومن خلال منظومة إعلامية متناسقة. فما إن أعلنت هيئة كبار العلماء في السعودية عن تحريمها لإثارة الفتن والقلاقل في البلاد، حتى هبت وسائل الإعلام الإيرانية تنبش في فتاوى لمشايخ سنة للرد على فتوى هيئة كبار العلماء السعودية، ناهيك عن تكثيف الأخبار المضللة في وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة باللغة العربية.

كما أن هناك تشويشا إيرانيا آخر على السعودية هذه الأيام، ولكن بعيدا عن موضوع المظاهرات، وتحديدا في القضايا البترولية. إيران تريد الاستفادة من الأزمة الليبية التي أدت إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار البترول، ناهيك عن الاهتزازات في الأسواق النفطية، وتريد إيران ذلك لتعويض خسائرها بسبب الحصار الاقتصادي المضروب عليها من قبل الغرب، ومن أجل تنمية مداخيلها. لذا، فإن طهران تعارض فكرة زيادة الإنتاج والحفاظ على أسعار مستقرة لأسواق النفط، بينما نجد السعودية على العكس تماما. إذ تحاول السعودية جاهدة دعم استقرار الأسواق النفطية، لأنها تدرك جيدا أن عواقب ارتفاع أسعار النفط، وبشكل مبالغ فيه، ستكون وخيمة على الجميع، سواء المنتج، أو المستهلك. وتدرك الرياض أن ارتفاع أسعار النفط بشكل مبالغ به قد يؤدي إلى انهيار دول، وليس أسواقا، وهذه بالطبع إحدى المعارك التي تتم بعيدا عن الأنظار، وقلة هم الذين يتنبهون إليها.

أيضا هناك قصة أخرى من قصص مشاغلة السعودية، جاءت هذه المرة من صحيفة بريطانية، وربما بمساعدة من بعض حلفاء إيران في منطقتنا، حيث نقل فيها صحافي أن أوباما قد طلب من السعوديين تسليح الثوار الليبيين ضد معمر القذافي، مضيفا أن السعودية لم ترد، إلى الآن، على الطلب لأنها تمقت نظام القذافي الذي خطط ذات يوم لاغتيال العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم كان وليا للعهد! فهل يعقل هذا الأمر؟ بالطبع لا.. خصوصا أن أوباما نفسه أعلن أمس أن حلف الأطلسي يدرس خيارات عسكرية ضد ليبيا، كما أعلن البيت الأبيض أن تسليح الثوار الليبيين أمر وارد، فكيف يطلبون من السعودية سرا؟

الواضح أن هذا الخبر برمته المراد منه هو مشاغلة السعودية والزج بها في عين العاصفة الليبية، للقول إن السعودية تتدخل في ليبيا، أو للقول إن الرياض تتواطأ مع أميركا ضد بلد عربي. وكما أسلفنا إنها محاولة تشويش واضحة على السعودية في هذا التوقيت. لكن السؤال هنا هو: لماذا لا يتبرع أحدهم ويكشف لنا، مثلا، فحوى الاتصال الذي أجراه القذافي مع أحد الرؤساء العرب، خصوصا أنه كان آخر اتصال معلن للقذافي مع زعيم عربي؟

[email protected]