الهيئة في معرض الكتاب

TT

اعتادت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في معارض الكتاب الماضية التي تقام في السعودية على التركيز على منجزاتها في محاربة السحر والسحرة، فكانت في واد، والمعرض في واد آخر، إذ كانت مشاركتها خارج سياق معارض الكتاب، ولا تتسق مع أجوائه، ولذا أسعدني خبر تغيير الهيئة لطبيعة مشاركتها هذا العام في معرض الرياض الدولي للكتاب، حيث حفل جناحها بالدراسات والأبحاث المتصلة بعمل الهيئة ورسالتها ومنطلقات دورها، إضافة إلى عدد من الكتب التوعوية في قضايا اجتماعية متعددة، وهي بذلك تحقق الغاية من حضورها في هذه التظاهرة المعرفية الكبرى، وتتجانس مع أجوائها الثقافية. وهي بعرضها هذه الدراسات والبحوث العلمية تتيح لشريحة كبيرة تعميق معرفتها بعمل هيئة الأمر بالمعروف واهتماماتها وأبعاد دورها، وهي أهداف يفترض أن تكون لها الأولوية لدى الهيئة، وفي ظني أن هذا التجديد في الطرح سيحظى باهتمام زوار المعرض، وتثمينهم لهذه الخطوة، فالتركيز على السحر والسحرة سلاح ذو حدين، فمن سلبياته أنه يصور المجتمع وكأنه غارق في مثل هذه الخزعبلات، وتسيطر عليه مثل هذه الثقافة، مع أن الواقع يحصر هذه الظاهرة في شريحة محدودة مسكونة بالجهل وضيق الأفق، ليس من بينها الكثير من زوار المعرض، إذ من المفترض أنهم يمثلون الشريحة المثقفة الأكثر وعيا ورفضا لهذه الممارسات، كما أن عمل الهيئة لا ينبغي اختزاله في هذا الشأن في عيون المثقفين.

وكنت أتمنى على الهيئة وهي المشاركة في المعرض أن تلعب دورا في إقناع «المحتسبين» الذين مارسوا الاحتجاج على بعض مكونات المعرض، فلربما هي الأقدر والأجدر للتعامل مع مثل هذه القضية، وعدم الاكتفاء بنفي أن يكون هؤلاء «المحتسبون» جزءا من كيانها، فتلك حقيقة يتفهمها الجميع.

ومرة أخرى، إن هذا التجديد في الطرح في مشاركة الهيئة في معرض الكتاب خطوة على الطريق المفترض، وهي تستحق الإشادة والدعم والتشجيع.

[email protected]