وكان لا بد من أن تقفز إلى الماء!

TT

«شجاعة رجل واحد غيرت مسار التاريخ»، عنوان الكتاب الذي صدر سنة 1995 للمؤلف الإنجليزي جيل ميلتون. وهذا الرجل الوافد من الممكن أن يكون مكتشفا.. ممكن أن يكون مخترعا. ولكن ميلتون يقصد واحدا من الرحالة الهولنديين الذين اكتشفوا جزر الباندا التي هي في قلب 15700 جزيرة إندونيسية. في هذه الجزيرة كل ما يريده الغرب.. ففي القرن السادس عشر وصل المكتشفون من البرتغال إلى هذه الجزر، وجاء من بعدهم الهولنديون، ثم جاء الإنجليز واستولوا على واحدة من الجزر الست التي تزرع جوزة الطيب والقرنفل والفانيليا والفلفل والزعفران. في ذلك الوقت انتشر في بريطانيا أن جوزة الطيب تشفي من كل داء، فارتفع سعرها وبالغ التجار في بيعها.

ولم يكن أحد يعرف بالتحديد أين توجد جوزة الطيب والفلفل الذي نضعه في طعامنا والفانيليا التي تجعل للأطعمة والآيس كريم رائحة وطعما جميلا.

المشكلة هي أن الوصول إلى مجموعة جزر الباندا أمر صعب جدا؛ فلا بد أن تأخذ الطائرة، ومن الطائرة زورقا، وبعد الزورق واحدا آخر، لأن مياه المحيط الهادي في هذه المنطقة ليست هادئة، وإنما في حالة غضب شديد وتهديد بالقتل لكل من تسول له نفسه أن يكون مكتشفا أو تاجرا جشعا. وقد تنبه أبناء هذه الجزر إلى الثروة التي يملكونها ويريد الغرب أن يحصل عليها مجانا، فكانوا يهاجمون الأجانب ويقتلونهم. والحل أن يكون لهم نصيب في هذه الكنوز النباتية الهائلة.

وربما كانت إندونيسيا أكثر بلاد العالم استهلاكا للقرنفل. إنهم يحشون به السجائر، ولا يزالون حتى اليوم.

يقول جيل ميلتون في كتابه إن الرحالة الهولندي تعرض للقتل أكثر من مرة حتى اضطر إلى أن يتزوج واحدة من بنات هذه الجزر يقدمها في كل رحلة. وقد ساعدته كثيرا وأنقذته من الموت.. وصورتها في الكتاب جميلة، فهو إذن ليس مضطرا إلى أن تكون هذه الجميلة زوجته، إنما المشكلة عندها هي، فزوجها قد أدمن جوزة الطيب التي تستخدم في تسكين الألم. ويبدو أنه أسرف في تعاطيها؛ فهو مسطول طول الوقت، مما يؤكد لك أن البنت الحلوة هي الغلبانة في هذه الصفقة.. في آخر رحلة له صحا من النوم فلم يجدها، وقال له البحارة إنها صافحتهم جميعا، وقفزت إلى الماء هاربة.. ومعها حق!