بيان المثقفين السعوديين

TT

وزعت في الآونة الأخيرة بيانات صادرة عن مجموعات مختلفة تطالب الدولة السعودية بالتغيير، كل مجموعة وفقا لرؤيتها، المناقضة لرؤية المجموعة الأخرى. وقد توقفت عند بيان المثقفين أو «الليبراليين» دون سواه، بسبب ورود أسماء عدد من الأصدقاء والزملاء، الذين أكن لهم مودة وتقديرا!

أول ما لفتني في البيان التوقيت.. فهل تجد نخبة من المفكرين والمثقفين مكانا لها في هذه المرحلة الصاخبة والمعقدة والبالغة الغموض؟ هل هي إلى جانب الجماعات الأخرى، وفي رؤية واحدة؟ هل تلتقي مع الفئات التي تنظر إليها في ريبة وشك، لكي لا نقول أكثر من ذلك؟

من يطالب المثقفون بالتغيير والإصلاح، الدولة أم المجتمع؟ طريقة الحكم أم طريقة الحياة؟ أي ميدان يريدون أن ينتقل إلى السعودية اليوم، في هذا الوقت، ميدان التحرير أم «دوار اللؤلؤة» في البحرين؟ بين الموقعين أهل فكر سياسي لا شك بإدراكهم لمعطيات الموجة القائمة في المنطقة ومكونات المجتمع الذي يشكلون جزءا منه. فهل يمكن إحداث التغيير في هياكل المجتمع وأسس الحكم، بمجرد الانتهاء من صياغة البيان وإملاء بنوده، أو شروطه؟

لا يعني ذلك أن في العالم دولة، أو بلدا، لا يحتاج إلى المزيد من التطور والإصلاح. لكن لا يمكن في ذلك تجاهل خصوصيات المجتمعات وطبيعة المكونات. ويخشى المرء أن تكون مطالب «المثقفين» ورؤيتهم للإصلاح متضاربة مع رؤية الجماعات الأخرى، وغالبا غير مقبولة. كذلك المنطلقات والغايات. ونحن جميعا الآن، مغربا ومشرقا، نعيش مرحلة مخاض متفاوتة المباعث والخصائص. نرى أنوارا قليلة وانهيارات كثيرة. نشاهد دماء وزلازل جغرافية في ليبيا، وارتجاجا في بلد كامل السكينة مثل عمان، ومطالب حق يراد بها باطل في البحرين، ونرى موقفا غير مفهوم في اليمن: معارضون يطالبون النظام بسلسلة خطوات وعندما يقبلها يقال له تأخرت خمسة أشهر. هل كانت هذه المطالب إنذارا عسكريا أم مطالب اجتماعية وسياسية؟

الإصلاح عملية تتم من خلال الإجماع الوطني. ويكون بحوار العقول وتبادل الأفكار وتحمل المسؤوليات. ولا يمكن أن يتم إطلاقا إذا لم يتخذ أهل الفكر موقف الشراكة في الشورى، ومواقع المقدمة لا موقع الانجرار.