فعلها العرب.. ماذا عن الغرب؟

TT

اتخذ وزراء الخارجية العرب قرارا مسؤولا آخر، ومهما تجاه ليبيا؛ فبعد تعليق عضوية ليبيا في الجامعة العربية، قرر العرب دعوة مجلس الأمن الدولي لتحمل مسؤولياته من خلال فرض حظر جوي فورا على الطائرات العسكرية الليبية، وإنشاء منطقة آمنة في المناطق التي تتعرض للقصف، لحماية الشعب من النظام.

وبالطبع، فإن ذلك قرار مهم، ومسؤول، وجاء بعد موقف مشابه مهد الأرضية لهذا الموقف، وهو الدعوة الصادرة من مجلس التعاون الخليجي للمجتمع الدولي بضرورة فرض الحظر الجوي على الأجواء الليبية، الأسبوع الماضي. ولذا، فإن الكرة اليوم في ملعب المجتمع الدولي الذي عليه القيام بواجبه لحماية الشعب الليبي من البطش الذي يتعرض له على يد النظام.

فقد كان الغرب، وبالطبع أميركا، يترددون حيال فرض الحظر الجوي لعدة مبررات؛ منها أن ليس هناك موقف عربي موحد تجاه ذلك. والحقيقة أن قرار مجلس التعاون الخليجي، وبعده القرار العربي قد قطعا الطريق على ذلك المبرر، كما أن لدى الغرب كل الإمكانيات والتقنيات لتطبيق الحظر الجوي، وذلك إنقاذا للشعب الليبي من البطش الذي يرتكبه القذافي. وربما بعض الدول الغربية، ومنها واشنطن، تعتقد أن نظام القذافي قد ينتصر ميدانيا على الأرض، وهذا أمر طبيعي لأنه لا يتوانى عن استخدام كل ما لديه من قوة، ناهيك عن المرتزقة. لكن كيف سيتم التعامل مع النظام الليبي في حال انتصر من خلال سحق شعبه؟ أين حقوق الإنسان؟ وأين القوانين والمواثيق الدولية هنا؟

وكم كانت لافتة مسارعة كل من باريس وألمانيا للترحيب بالقرار العربي، وإن كان الألمان يقولون: كيف تدعو الجامعة لقرار فرض حظر جوي في حين ترفض التدخل الأجنبي؟ والإجابة هنا بسيطة بالطبع؛ فقرار الحظر الجوي سيأتي من قبل مجلس الأمن، أي بشرعية دولية، وليس تصرفا فرديا من قبل دولة بعينها. وعليه، فمن الضروري أن يكون هناك موقف أوروبي وأميركي موحد، ومن الضرورة أن تكون هناك سرعة في تنفيذ الحظر من خلال مجلس الأمن، وبالطبع ستكون تلك معركة دبلوماسية قاسية، لكن الأرضية لها جاهزة، والمبررات حقيقية.

حماية الشعب الليبي هي الأولوية اليوم، وليس طرح المبادرات غير الواضحة، مثل المبادرة التركية التي أعلن عنها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على قناة «العربية». فالأهم اليوم هو حماية الشعب الليبي، وقبل كل شيء، كما أنه لا بد من ضرورة التنبه إلى أن النظام الليبي قد فقد شرعيته. وبالتالي، فإن المفروض في أي مبادرة أن تكون واضحة وليس الهدف منها إعادة الشرعية لنظام القذافي.

ما حدث في ليبيا مختلف بالطبع عما حدث في مصر وتونس، حيث إن المؤسسة العسكرية في كل من البلدين قد أظهرتا إحساسا بالمسؤولية، وقد يكون ما يحدث اليوم في صنعاء هو الأقرب إلى ما يحدث في ليبيا، أو يوشك، مما يستدعي تحركا حقيقيا للتنبه لكي لا تنجر اليمن إلى حرب أهلية. لكن المطلوب اليوم، وبأسرع وقت، هو توفير الحماية للشعب الليبي.

[email protected]