السعوديون: أمن وإصلاح

TT

انقضت جمعة الغضب السعودية بهدوء وسكينة وسلام كبير أثبت فيه السعوديون رهانهم على الأمن والاستقرار والسلم الوطني والإصلاح من الداخل. وأكدت هذه التجربة حقيقة الاعتقاد بأن كل دولة في العالم العربي لها وضع مختلف عن الأخرى على الرغم من تكرار المفردات نفسها لوصف المشكلات والتحديات، إلا أن تفاعل الدول وشعوبها مع تلك المسائل يختلف.

السعوديون، مثلهم مثل غيرهم من الشعوب، لديهم الكثير من الطموحات المشروعة والآمال الكبيرة والأحلام الجميلة، يحلمون بوطن يسع ذلك كله تحت سقف كريم تكون فيه فرص العيش بكرامة ممكنة، والسعي للرزق الحلال مسألة ممكنة، وتحقيق العدل أمام قضاء عادل واردا، والإقدام على تلقي العلم بشكل متطور وعصري مسألة ليست بالصعبة، وأن يكون بالإمكان نيل مطلب السكن بأسلوب اقتصادي وعلمي، وأن تحفظ للمواطن كرامته ومساواته بغيره، بدون أي نوع من التفرقة أيا كان شكلها.

السعوديون يعلمون أنهم اليوم مع ملك يحبهم بصدق، وراغب وصادق في تقديم الأفضل لبلاده، وعرفوا معه كلمات جديدة، كلمات نافذة وقوية مثل الإصلاح، مثل الحوار الوطني، ومثل محاربة الفساد ومعاقبة كائن من كان، وهي كلها أهداف ومعانٍ نبيلة وأصيلة تعكس توجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، الصادق، تجاه بلاده وشعبه.

السعوديون حريصون على تقوية بلادهم والبناء على المكتسبات التي حصلت، وتحويل الكيان الجميل الذي أسسه الملك عبد العزيز إلى «وطن» يسع طموح الكل ويكرم جميع من فيه، ويعلمون أن ذلك يكون بعلاقة ولاء وتواصل أمين وصادق بين القيادة والشعب.

السعودية كانت، دائما، حريصة على أن تذكر العالم بأن الأمن والاستقرار هما خطان أحمران بالنسبة إليها، وأن التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية لن يكون مقبولا أبدا، وكانت السعودية قد عانت من قبل جرَّاء هذه الأمور، وبالتالي باتت لديها حساسية مفرطة جدا من ذلك. وفي «جمعة الغضب» الأخيرة هذه كانت «الطبول» تقرع في فضائيات خارجية ومن منابر خارجية وفي عوالم افتراضية، ولدت اضطرابا وخوفا وقلقا طبيعيا انعكست على الناس لفترة كرد فعل بشري وطبيعي من التعامل مع المجهول. ولكن جاء الهدوء الكبير في يوم الجمعة ليكون أبلغ رد عملي على الراغبين في إحداث البلبلة وفتح أبواب القلق والفتن والخوف والذعر، وقدم السعوديون في جميع مناطق المملكة رسالة حب وولاء هادئة لبلادهم ولملكهم بشكل حضاري.

السعوديون يعلمون أنهم لا يعيشون في مجتمع مثالي ولهم من المشكلات والقضايا الكثيرة التي تقلقهم وتضايقهم وتحبطهم أيضا، لكنهم يعلمون أيضا أن هناك أساليب للحل وأساليب للتدمير، ولديهم من الحكمة أن يفرقوا بين الاثنين. الأمير نايف بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، اختصر المشهد بجملة شاملة قال فيها: «هنيئا لمليكنا بشعبه، وهنيئا للشعب بمليكه» و«شعب المملكة رفع رؤوسنا أمام العالم». السعوديون مطالبون، كقيادة وشعب، بمواصلة مسيرة الإصلاح والتميز وإرساء الحقوق، درءا لكل الأقاويل والفتن، فهذه هي المهمة الأعظم والأهم اليوم لصالحهم ولصالح يومهم ولصالح مستقبلهم.

التلاحم الواضح بين الشعب والقيادة لا بد أن يستمر ليمنح المزيد من الزخم والقوة لصالح مسيرة الإصلاح المباركة.. الشعب السعودي الكريم حيا قيادته الكريمة تحية جميلة ووفية وراقية، وكل الأمل أن يحيَّا، كما هو الأمر والعرف، بتحية أحسن منها.

حفظ الله البلاد والعباد من كل شر، رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا.

[email protected]