مصطلح «الثورة العربية»

TT

نُسب مصطلح «الثورة العربية»، أول مرة، إلى الضابط البريطاني تي. إي. لورانس، أو «لورانس العرب». وطغى اسم الرجل المسبل العينين ودوره في «الثورة» على اسم ودور الرجل الفرنسي الذي كان شريكه، لفترة قصيرة، وهو لويس ماسينيون، الذي أصبح فيما بعد أشهر المستشرقين الفرنسيين. وكان ماسينيون يومها مساعد المعتمد السياسي في بعثة المفوض السامي في فلسطين وسورية. ومعروف أن بيكو هو الرجل الآخر مع البريطاني مارك سايكس، فيما عرف بمعاهدة سايكس بيكو، التي قسمت بموجبها المنطقة العربية عام 1916، بين فرنسا وبريطانيا، وكان الشريك السري الثالث روسيا، التي اقتطعت لها إسطنبول ومضائق الدردنيل. كان ماسينيون ضالعا في اللغة العربية. وعلى الرغم من كونه كاثوليكيا محافظا فقد كان صاحب دعوة خلاصتها أنه يجب التعرف إلى الإسلام والإيمان به من أجل معرفة المسيحية معرفة حقيقية. بل ذهب إلى أن الإسلام هو السبيل البديل إلى الخلاص، كما يقول ألبرت حوراني. وكان يعتقد أن الإسلام تعبير حقيقي عن الإيمان التوحيدي الذي قال إنه يتحدر من إبراهيم عن طريق إسماعيل.

ومع أن ماسينيون لعب دورا استعماريا في بداية حياته، لكنه نظر إلى الحكم الاستعماري فيما بعد على أنه «إساءة للضيافة»، لكن عندما كان يدعم «الثورة العربية» إلى جانب لورانس كتب بإعجاب عنه: «رأيت، في دهشة، رجلا إنجليزيا يافعا، مجردا من التقاليد، وخارجا تقريبا على القانون، لكنه شديد الحذر، حلو ومر في وقت واحد، خجول مثل فتاة صغيرة، ذو صوت أجش منخفض».

رفض لورانس أن يعين ماسينيون المستعرب في قيادة الجيش العربي الشمالي بقيادة فيصل الأول، كما يروي الفرنسي. غير أن كليهما كان يتمتع بمخيلة خصبة، وربما كانت هي، لا الحقائق، خلف ما كتباه من مذكرات عن المرحلة فيما بعد. كلاهما، كما يقول حوراني، كان يتمتع بميزات أدبية، وغايته الأخيرة أن ينقل تجربته (وتخيله) إلى أثر أدبي. وبينما سحر ماسينيون بالشرق سحر لورانس بالصحراء: «أينما أنام أستيقظ في الجزيرة العربية. لقد بقي المكان معي أكثر من الرجال والأحداث». أما ماسينيون فأدهشه الشرق المكتظ بالناس وفي قلبه القاهرة «الحصيلة الأعظم للحضارة العربية الإسلامية». على عكسه أحب لورانس مصر ونفر من المصريين: «البلاد جميلة والأشياء رائعة، لكن الناس فضوليون».

ظل ماسينيون يزور القاهرة ويأخذ طلابه معه. لم تكن القاهرة بالنسبة إليه فقط مدينة الأحياء بل كانت أيضا مراقد بعض رموز التاريخ الإسلامي، بينما ذهب لورانس إلى درعا عام 1917 يطلق منها شرارة ما سوف يعرف بـ«الثورة العربية». وأحاط المسألة بإطار من الإثارة الروائية التي جعلت جورج برنارد شو وزوجته يقولان إنه «كذاب ملعون».