مبرر فرض حظر جوي

TT

«هذه مشكلة سهلة».. على الرغم من مشاعر الضيق داخل واشنطن بشأن فرض حظر جوي على ليبيا، فإن هذا هو رأي رئيس الأركان السابق للقوات الجوية الجنرال ميريل ماك بيك، الذي طار أكثر من 6000 ساعة، نصفها على متن طائرات مقاتلة، وساعد في الإشراف على فرض حظر جوي داخل العراق والبحر الأدرياتيكي. يشعر الجنرال ماك بيك حاليا بالحيرة بسبب ما يصفه بـ«العويل والمعارضة» لفرض حظر جوي على ليبيا.

اتصلت بالجنرال ماك بيك لأعرف رأيه في فكرة فرض حظر جوي على ليبيا، وقد كان حادا جدا، حيث قال: «لا أتخيل أن هناك مشكلة عسكرية أسهل من هذه، فإذا كنا لا نستطيع أن نفرض حظرا جويا على دولة عسكرية مثل ليبيا ليست حتى من الدرجة الثالثة، فعلينا أن نأخذ مقدارا كبيرا من ميزانيتنا العسكرية ونقوم بإنفاقه على شيء آخر يمكن الاستفادة منه». واستطرد قائلا: «مجرد تحليق عدد قليل من الطائرات سيكون أمرا كافيا لأن تلزم القوة الجوية الليبية الأرض، وهذا هو المراد».

وأضاف الجنرال ماك بيك أنه لن تكون هناك حاجة إلى الإبقاء على تغطية داخل ليبيا على مدار اليوم طوال الأسبوع، فما دامت القوات الجوية الليبية عرفت أنه توجد مخاطرة بالاعتراض، فسيقل الحافز الموجود لدى طياريها ويدفعهم إلى إلقاء القنابل، وسيميل عدد أكبر إلى الانشقاق.

وتساءل قائلا: «إذا لم يكن في مقدرونا القيام بذلك، فماذا نستطيع القيام به؟». وأضاف: «أعتقد أنه سيكون لذلك أثر واقعي، وربما يغير من حساباتهم، وربما يكون للإعلان عن ذلك فقط تأثير كبير».

وإلى جانب الحظر الجوي، توجد خطوة أخرى مهمة تتمثل في استخدام الطائرات العسكرية الأميركية للتشويش على التلفزيون الحكومي الليبي والدعاية الإذاعية والاتصالات العسكرية الليبية. وقال الجنرال ماك بيك إن هذا التشويش سيكون «سهلا للغاية».

واعترف بأن أي تدخل يتضمن مخاطر غير معروفة، وبصراحة، فإنه من الجيد أن يتريث الرئيس قبل اتخاذ قرار عسكري. ولكنه أعرب عن أمله في ألا ينتظر الرئيس أوباما طويلا.

وقال وزير الدفاع روبرت غيتس إن فرض حظر جوي سيكون «عملية كبيرة داخل دولة كبيرة»، وسيبدأ بهجوم على أنظمة الدفاع الجوي الليبية. لكن قال الجنرال ماك بيك إن الحظر الجوي سيفرض داخل ثلاث مناطق من الدولة لا يسيطر عليها العقيد معمر القذافي. وربما يلغي ذلك الحاجة إلى الهجوم مسبقا على أنظمة الدفاع الجوي، بحسب ما قال. وعلى أي حال فقد أشار إلى أن الولايات المتحدة فرضت حظرا جويا على العراق لأكثر من عقد من الزمان من دون أن تقوم بالتخلص من جميع أنظمة الدفاع الجوي العراقية في ذلك الوقت.

وإذا كانت إدارة أوباما تبالغ في مخاطر فرض حظر جوي، فإنه يبدو أنها قللت من مخاطر الاستمرار في المنحى السلبي. وتوجد بعض المخاطر في أن ينتهي الأمر مثل الانتفاضات الفاشلة داخل المجر عام 1956 وداخل تشيكوسلوفاكيا عام 1968 أو في جنوب العراق عام 1991.

ويبدو أن الاتجاه داخل ليبيا في تحول، وتفرض قوات القذافي السيطرة على طرابلس والكثير من غرب ليبيا. وفي الوقت الحالي يستخدم العقيد القذافي بصورة ممنهجة قوته الجوية من أجل كسب أرض حتى داخل الشرق.

وكما أشار المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو عبارة عن مجموعة متخصصة في تحليلات الأسلحة داخل لندن، الأسبوع الحالي: «الميزة الكبرى لدى القوات المؤيدة للنظام في اللحظة الحالية هي قدرتهم على استخدام القوة الجوية».

واتتني قشعريرة بسبب محادثة مع صديق ليبي عبر الهاتف له علاقات بالجيش، وفي آخر مكالمة بيننا بدا وكأن مكالمتنا مراقبة عن قرب، إذ أثنى على العقيد القذافي. ولا أستطيع أن أقول ما إذا كان يؤمن بما ذكر، أم أن هناك بندقية كانت مصوبة إلى رأسه. وعلى أي حال، فإن نبرته الجديدة مؤشر على أن الحكومة لديها اليد العليا حاليا داخل طرابلس.

أخبرني السيناتور جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الأجنبية، بأنه ينوي الوقوف مع فرض حظر جوي - إلى جانب التشويش على الاتصالات - عندما يصبح ذلك أمرا عمليا. وقال: «آخر شيء تريده هو نقاش لمدة 20 عاما حول من جعل الشعب الليبي يخسر هذه اللحظة».

كنت معارضا قويا للحرب على العراق، لكن يبدو الوضع مختلفا الآن، فلن نرسل أي جنود على الأرض داخل ليبيا، وسيتم تنفيذ الحظر الجوي بناء على طلب من قوات التمرد الليبية وبناء على «طلب» ست دول عربية في منطقة الخليج. وربما تقر جامعة الدول العربية فرض حظر جوي أيضا، وبصورة مثالية يحتمل أن تسهم مصر وتونس بقواعد وطائرات، أو ربما تقدم مساعدات بحث وإنقاذ.

وقال لي السيناتور كيري: «لا أعتقد أنه سيكون من المفيد لمصالحنا الاستراتيجية على المدى الطويل، وكذا بالنسبة إلى قيمنا، أن نقول إنه يجب رحيل القذافي وبعد ذلك نسمح لزعيم يعاني من جنون العظمة باستخدام مرتزقة لقتل شعبه».

وعليه يجب أن نتذكر مخاطر التقاعس، وألا نضعف ثقتنا في أنفسنا.

* خدمة «نيويورك تايمز»