مجنون عاقل.. أم عاقل مجنون؟!

TT

لم يستفزني أحد بقدر ما استفزني رجل لا أدري هل هو مجنون عاقل أم هو عاقل مجنون؟!، وذلك عندما سألني بدون أي مقدمات قائلا لي: ما هو الفرق بينك وبين الحشرات؟!

ففنجرت له عيني بذهول وأنا أردد بيني وبين نفسي (اللهم طوّلك يا روح)، ولكنني استجمعت قواي وسألته بدوري: وأنت كيف شايفني؟!.

وزاد في استفزازه لي عندما قال: أعتقد أنه لا فرق هناك يذكر بينك وبينها.

عندها تذكرت الحديث الشريف القائل: «ليس القوي بالصرعة، وإنما القوي من ملك نفسه عند الغضب»، لهذا كبحت جماح غضبي مرغما، وقلت له: الله يسامحك.

قال: لا تزعل مني ولا تمط لي براطمك التي تشبه براطم (الغوريلا) لكي تستدر عطفي.

قلت له وقد بلغ بي الانفعال مداه: وأستدر عطفك ليه ما شاء الله، ليه أنت ولي أمري، أم ولي نعمتي، أم أن حياتي ومستقبلي هما بين إصبعيك تحركهما كيفما شئت؟!

قال: لقد ثبت لي الآن وفي هذه اللحظة بالذات وبالدليل القاطع أنك إن لم تكن مهووسا فأنت بكل تأكيد متخلف، وذلك من نبرة صوتك الزاعقة والمزعجة في الوقت نفسه.

الواقع أنني كنت قاب قوسين أو أدنى من أن أخرج عن طوري، لولا أن تذكرت الحديث الشريف مرة أخرى، فلزمت الصمت المطبق كأي بركان على وشك الانفجار.

لهذا بدأ يوجه لي أسئلته التي لا أدري من أي (زريبة) أتى هو بها، إنها أسئلة تشبه طلقات الرصاص الطائشة التي ليس لها هدف، وذلك عندما قال لي بحدة:

هل جربت في حياتك يوما أن تذبح الأغنام وتسلخها؟!

هل تعرف كيف تغير حفاظات الأطفال؟!

هل نظمت يوما قصائد شعر هجائية ضد الإنسانية؟!

هل أنت ملم بتجبير العظام المكسورة؟!

هل تفهم بأنواع الأسمدة الجيدة لتخصيب التربة؟!

هل خضت أي معركة في ميادين القتال؟!

هل قذفت بنفسك (بـ الباراشوت) من طائرة محلقة؟!

هل تعرف كيف تطبخ (الصيادية) وتحكرها؟!

هل خطر في بالك يوما أن تغسل ميتا وتكفنه وتصلي عليه، ثم تشيعه وتحفر قبره وتهيل التراب عليه؟!

عندما وصل إلى هذا الحد الذي خلط فيه (عباس على دباس)، لم أملك إلا أن أصرخ به بأعلى صوتي قائلا: اسكت اخرس ثكلتك أمك.

قال: الآن عرفت أنك لا تطيق معي صبرا، وهذا يثبت لي شرعا أن لا فرق هنالك بينك وبين الحشرات.

وللأسف أنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل إنه استمر يقذف بوجهي أسئلته الاستفزازية التي احتراما لكم لم أستطع كتابتها، لأنها كانت موغلة في بجاحتها وسفالتها، فهي (من المحزم وتحت).

وتركته وهو (يلعلع) محاولا النفاذ منه بجلدي.

ويا أمان الخائفين.

[email protected]